باب المدينة فى خمسمائة رجل ، فخرج حمزة الهمدانى من مدينة بخارى فى مواجهته ، وكان سليمان قد وضع أربعمائة رجل فى كمين وتقدم هو فى مائة رجل لحرب حمزة الهمدانى ، فظن حمزة أن رجاله هذا القدر لا أكثر ، فتقدم وحارب وخرج هؤلاء الأربعمائة رجل من الكمين وأهلكوا خلقا كثيرا وفر الباقون إلى داخل المدينة ، وجاء قتيبة بن طغشادة بخار خداة فى عشرة آلاف رجل وأظهر علامة الجيش والتحم مع زياد بن صالح فى الحرب وأمر بفتح أبواب القصور ، وكان على باب مدينة بخارى سبعمائة قصر ، فأمر أهل القصور بإظهار علامة الجيش ، وكان الناس فى هذه القصور أكثر من هؤلاء الذين فى المدينة ، ولكن كان (العرب) فى المدينة مع أهلها ولم يكن فى القصور أحد من (العرب) ، وأمر بخار خداة أهل الرستاق وأهل القصور بغلق الأبواب أمام عسكر شريك وعدم تقديم الطعام والعلف وأمر بحمل الطعام والعلف إلى معسكر زياد ، وصعبوا الأمر على عسكر شريك بكل الطرق ، حتى بقى العسكر فى ضيق وجاعوا ، فلم تجد دوابهم العلف وعجزوا عن العمل ، وتدبروا فصار الاتفاق على أن يزدادوا اقترابا من باب المدينة ليأتوا بالطعام والعلف منها ، ويجعلوا المدينة خلفهم ووجومهم صوب الخصم ، ويعاونهم من المدينة أيضا عسكر آخر. ولكنهم لم يستطيعوا الذهاب نهارا ، لأن معسكر زياد وبخار خداة كان على الطريق فذهبوا ليلا حتى صاروا على فرسخ من المدينة ، وعلم زياد فخرج ، وأخذ الطريق عليهم ، وتقاتلوا قتالا شديدا ووقعت الهزيمة على عسكر زياد وبخار خداة فقال بخار خداة الصواب أن نحمل على ساقة الجيش (١) لأننا إذا خرجنا قدامهم يهجمون على الموقع ويشتد الأمر علينا ، فإذا ما حملنا على الساقة تكون مقدمتهم قد ألقت بنفسها فى المدينة ، فيعودون على عجل ويقفون للحرب وتتحقق مصلحتنا. ففعلوا كذلك وبقيوا حتى ذهب بعضهم ومن ثم حملوا على الساقة وأخذوا فى الحرب ، وكانوا يحاربون ويذهبون ، حتى وصلوا إلى «نوكندة» (٢) فقال بخار خداة لزياد بن صالح : إن هؤلاء القوم جياع ، ولم يروا العنب والشمام
__________________
(١) ساقة الجيش : مؤخرة الجيش.
(٢) نوكندة : الكاف مفتوحة ثم نون ساكنة ودال مهملة (نوكند) من قرى سمرقند.