أبى مسلم صاحب الدعوة قائدا من قواد خراسان وصار وزيرا لعبد الجبار الأزدى (١) وادعى النبوة وظل هكذا مدة. وأرسل إليه أبو جعفر الدوانقى شخصا وحمله من مرو إلى بغداد ، وسجنه سنوات. ولما أطلق سراحه بعد ذلك عاد إلى مرو وجمع الناس وقال : أتعلمون من أنا؟ قالوا : أنت هاشم بن حكيم. فقال أخطأتم! أنا إلهكم وإله العالم أجمع [ترب فوه (٢)] وقال أنا أدعو نفسى بأى اسم أريد ، ثم قال أنا الذى أظهرت نفسى للخلق بصورة آدم ثم بصورة نوح ثم بصورة إبرهيم ثم بصورة موسى ثم بصورة عيسى ثم بصورة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثم بصورة أبى مسلم ثم بهذه الصورة التى ترون. وقال الناس : لقد ادعى الآخرون النبوة وأنت تدعى الألوهية. فقال : هم نفسانيون وأنا الروحانى الذى كنت فيهم ولى القدرة على إظهار نفسى بأى صورة أشاء. وكتب كتبا إلى كل ولاية وأعطاها لدعاته وكتب فيها : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من هاشم بن حكيم سيد السادات إلى فلان بن فلان ، الحمد لله الذى لا إله إلا هو إله آدم ونوح وإبرهيم وعيسى وموسى ومحمد وأبى مسلم. ثم إن للمقنع القدرة والسلطان والعزة والبرهان ، اتبعونى واعلموا أن الملك لى [عليه اللعنة] ـ ولى العزة والربوبية ولا إله غيرى [ترب فوه] وكل من يتبعنى له الجنة وكل من لا يتبعنى له النار» وأرسل دعاته إلى كل مكان وهو ما زال بمرو ، وأضل كثيرا من الناس. وكان بمرو رجل من العرب اسمه عبد الله بن عمرو اتبعه وزوجه ابنته وعبر عبد الله هذا جيحون وجاء إلى نخشب وكش ، وكان يدعو الخلق فى كل مكان إلى دين المقنع [عليه اللعنة] وأضل أناسى كثيرا وكان أكثرهم فى كش ورستاق كش ، وكانت أول قرية دخلت دين المقنع وأظهرت دينه قرية فى كش
__________________
(١) هو عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدى ، أمير من الشجعان الأشداء الجبارين فى صدر العهد العباسى ولاه المنصور إمرة خراسان سنة ١٤٠ ه. (٧٥٧ م.) فقتل كثيرا من أهلها بتهمة الدعوة لولد على ابن أبى طالب ثم خلع طاعة المنصور فوجه المنصور الجند لقتاله فأسروه وحملوه إليه فقطعت يداه ورجلاه وضرب عنقه بالكوفة ونفى أهله وبنوه (ابن الأثير ج ٥ ص ١٨٦ ـ ١٨٧ وكذلك فى الأعلام للزركلى ج ٤ ص ٤٨).
(٢) هذه العبارة تقابل فى العربية «فض فوه» وهى ترجمة [خاكش بدهن].