ذكر خروج المقنع وأتباعه من المبيضة (١)
يقول أحمد بن نصر إن محمدا بن جعفر روى هذا الفصل فى كتابه ولكن رواه ناقصا وروى إبرهيم صاحب أخبار المقنع ومحمد بن جرير الطبرى (٢) أن المقنع كان رجلا من أهل رستاق مرو (٣) من قرية يقال لها «كازه» وكان اسمه هاشم ابن حكيم وكان يشتغل أول أمره بالقصارة (٤) ثم اشتغل بتعليم العلم وحصل علوما من كل نوع وتعلم الشعبذة وعلم النيرنجات والطلسمات ، وحذق الشعبذة وكان يدعى النبوة أيضا ، وقضى عليه المهدى بن المنصور (٥) فى سنة مائة وسبع وستين هجرية (٧٨٣ م) (٦). وقد تعلم النيرنجات وكان فى غاية الذكاء. قرأ كتبا كثيرة من علوم الأولين وصار بارعا للغاية فى السحر ، وكان اسم أبيه حكيما ، وكان قائدا من قواد أمير خراسان فى زمان أبى جعفر الدوانقى ومن أهل بلخ ، وسمى المقنع لأنه كان يغطى رأسه ووجهه إذ كان فى غاية القبح ، وكان رأسه أصلع وإحدى عينيه عوراء وكان دائما يضع على رأسه ووجهه قناعا أخضر (٧). وكان هذا المقنع فى أيام
__________________
(١) كان أتباع المقنع يرتدون الثياب البيضاء ويتخذونها شعارا لهم فعرفوا فى التاريخ باسم المبيضة (سفيد جامكان).
(٢) هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبرى المؤرخ المفسر الإمام ، ولد فى آمل بطبرستان سنة ٢٢٤ ه / ٨٣٩ م. واستوطن بغداد حيث توفى بعد أن ترك آثارا خالدة سنة ٣١٠ ه / ٩٢٣ م.
(٣) انظر تعليقنا بحاشية ٤ ص ٣٥.
(٤) مهنة غسل الثياب وتبييضها.
(٥) هو الخليفة محمد بن أبى جعفر المنصور بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ثالث الخلفاء العباسيين (١٥٨ ـ ١٦٩ ه / ٧٧٥ ـ ٧٨٥ م).
(٦) فى كتاب الأعلام للزركلى ج ٥ ص ٢٩ مات سنة ١٦٣ ه / ٧٨٠ م. وكان ظهور المقنع سنة ١٦١ ه. (٧٧٧ م) كما ذكره الطبرى والشهرستانى وغيرهما من المؤرخين.
(٧) وفى بعض المراجع ومنها ابن الأثير وابن خلكان والشهرستانى أن هذا القناع كان من الذهب على صورة وجه إنسان (راجع الأعلام للزركلى ج ٥ ص ٢٩).