رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا فدخلت عليه وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها ملاءة فجلست ، ثم أنت أنةً أجهش لها القوم بالبكاء فارتجّ المجلس ، ثم أمهلت هنيهة حتى إذا سكن نشيج القوم ، وهدأت فورتهم ، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه ، والصلاة على رسوله أبيها صلىاللهعليهوآلهوسلم فعاد القوم في بكائهم ، فلما أمسكوا عادت في كلامها وقالت :
« الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، والثناء بما قدّم ، من عموم نعم ابتداها ، وسبوغ آلاء أسداها ، وتمام نعم والاها ، جم عن الأحصاء عددها ، وتأى عن الجزاء أمدها ، وتفاوت عن الإدراك أبدها ، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها ، واستحمد الى الخلائق بإجزالها ، وثنى بالندب إلى أمثالها ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، كلمة جعل الإخلاص تأويلها ، وضمن القلوب موصولها ، وأنار في التفكر معقولها ؛ الممتنع من الأبصار رؤيته ، ومن الألسن صفته ، ومن الأوهام كيفيته ، إبتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها ، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة إمتثلها ، كوّنها بقدرته ، وذرأها بمشيئته ، من غير حاجة منه إلى تكوينها ، ولا فائدة له في تصويرها ، إلا تثبيتاً لحكمته ، وتنبيهاً على طاعته ، وإظهاراً لقدرته ، وتعبّدا لبريته ، وإعزازاً لدعوته ، ثم جعل الثواب على طاعته ، ووضع العقاب على معصيته، ذيادة لعباده عن نقمته ، وحياشاً لهم إلى جنته ؛ وأشهد أن أبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم عبده ورسوله ، اختاره وانتجبه قبل أن أرسله ، وسماه قبل أن اجتباه ، واصطفاه قبل أن ابتعثه ، إذ الخلائق بالغيب مكنونة ، وبستر الأهاويل مصونة ، وبنهاية العدم مقرونة ، علماً من الله بمآل الأمور ، وإحاطةً بحوادث الدهور ، ومعرفة بمواقع المقدور ، ابتعثه الله تعالى إتماما لأمره ، وعزيمة على إمضاء حكمه ، وإنفاذا لمقادير حتمه ، فرأى