أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني ».
قالا : قد سمعناه من رسول الله.
فرفعت كفيها إلى السماء وقالت :
« فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت رسول الله لأشكوكما إليه ».
فوقع كلامها منهما وقوع الصاعقة ، وقاما يتعثران بأذيال الخيبة ، وعلما مدى غضب الزهراء ، وأجهش أبو بكر بالبكاء وكان رقيق القلب ، وأنّبه عمر على هذه الرقة ، وزاد همّ أبي بكر وحزنه ، وتلاشى أمله ورجاؤه ، وطفق إلى المسلمين ملتمساً أن يقيلوه من خلافتهم ، وكان التماسه هذا بعد فوات الأوان.
وما برحت الزهراء عليهاالسلام طريحة فراش ، وضجيعة متكأ ، تنتابها برحاء المرض ، وتودي بزهرة شبابها لوعة الأسى ، وتخنق أنفاسها مرارة الألم ، حتى قرب أجلها ، ودنا رحيلها ، وهي معصبة الرأس ، ناحلة الجسم ، منهدّة الركن ، يخشى عليها ساعة بعد ساعة ، ولم يطل بها المقام بعد أبيها إلا ستة أشهر في أكثر الروايات مدة ، وأطولها زمناً.
ثم استدعت علياً ، وأوصته بوصاياها الخاصة والعامة ، وقالت : « إني أنشدك الله ألا يصليا على جنازتي ، ولا يقوما على قبري ، وأدفني بالليل ، ولا تعلم أحداً ».
وكان هذا إمعاناً في النكير على القوم ، وإظهاراً للغضب والنقمة يؤكد ذلك أيضاً البند الثالث من وصيتها الخطبة لأمير المؤمنين عليهالسلام :
« أن لا يشهد أحداً جنازتها ، ممن كانت غاضبة عليهم ، وأن لا