واستثارة العواطف ، وقد وضعت الزهراء فيها النقاط على الحروف ، فلم تكن اعتباطية المنشا ، ولا عاطفية المصدر ، ولكنها الحجاج الصارخ في لغة القوم ولقد عز على ابى بكر وعمر هذا المنجى وساءتهم هذه المقالة فارادا امتصاص النقمة عسى ان تعود المياه الى مجاريها كما يقال ، فتشاورا فيما بينهما ، فقرّ الراي ان ينطلقا الى الزهراء عسى أن تغضي شيئاً ما ، إن لم ترضَ كل الرضا ، فسارا إلى بيتها ، وإستأذنا على فاطمة ، فأبت وردّهما ثم استأذنا عليها فأبت وردتهما ، فما كان منهما إلا أن ذهبا إلى علي عليهالسلام يستعطفانه في الإذن لهما ، فأعطاهما ذلك ، وهو المعروف بحيائه ورقتّه وصفائه ومروئته ، فقد أبت مكوناته النفسية أن يردّهما أو يرفضهما ، وفاوض الزهراء بذلك وعرض عليها الأمر ، فقالت : البيتُ بيتك ، والحرة زوجتك ، فطارا فرحاً بهذا الإذن ، ودخلا على الزهراء فسلما فلم تجب ، وقعدا أمامها في ذلة وخضوع ، فحولت بوجهها عنهما إلى الحائط ، وألحّا في الكلام ، وألّحت بالسكوت ، وحرصا على السؤال ، فحرصت على عدم الإجابة ، وأعاد أبو بكر حديث الإرض وسهم ذوي القربى وفدك ، فأعرضت عن الخوض في ذلك ، وأضربت عنه صفحاً ، فهي أكبر من المال ، وأوسع قلباً من الأرض ، فقد هُدرت كرامتها ، وجُرحت كبرياؤها ، وأستهين بقدرها ، وهي وديعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الأرض ، وألحف الشيخان في أن تكلمهما إلحافاً ، وأصرا في ذلك إصراراً ، فقالت لهما ، بعيداً عن المناخ الذي كانا فيه :
« أرأيتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تعرفانه وتعملان به ، فأجابها الشيخان نعم. قالت : نشدتكما الله ... ألم تسمعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ، ومن أرضى فاطمة فقد