الشاخص لذلك ساء ولاة الأمر أم لم يُساؤوا ، بل وقد يذهبون إليه يلتمسون عنده المخرج فيما لا يجدون فيه مخرجاً ، وقد يلجؤون إليه أيضاً في بيان أحكام القرآن ، وكشف غوامض التنزيل ، وما أكثر ما حدث ذلك ، وكان إلى جانب هذا معنياً بجمع القرآن مرتباً حسب نزوله ، ومفسراً له حق تفسيره ، مشيراً إلى عامه وخاصه ، ومطلقه ومقيده ، ومفصله ومجمله ، ومبينه ومبهمه ، ومحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وعزائمه ورخصه ، وعبره وأمثاله ، وسننه وآدابه ، حتى أملى ستين نوعاً من أنواع علوم القرآن ، وكان أول من عني بذلك ، فإليه يرجع علم التفسير ، ومنه انطلقت علوم القرآن ، وبه قامت سنن الكتاب. وكان هذا الاتجاه مما تمليه عليه مصلحة الإسلام ، ومما يقتضيه تسيير العلم.
وكان القضاء والإفتاء من الظواهر الكبرى التي اختص بها في عهد الشيخين ، فكم من مبهمة قد أبانها ، وكم من معضلة قد حللها ، وكم من مسألة كان إستنباطه فيها هو القول الفصل.
ولم يغب عن بال جملة من المسلمين قول الرسول : « أقضاكم علي » فكان يوكل إليه القضاء فيما لا بد منه ، وفي القضاء والإفتاء فرض عليّ وجوده العلمي رغم الضباب الكثيف المهيأ لحجب مسيرته العلمية أيضاً ، وكتب التأريخ والأحاديث والصحاح مليئة بجزء كبير من هذا الملحظ في حياته أيام الشيخين ، حتى قال عمر محذراً ومعلناً بوقت واحد : « لا يفتينّ أحدُكم في المسجد وعليٌّ حاضر ».
وانتشر فقه عليّ في الحلال والحرام ، وبرز في الفروض والميراث ، وتميز بالحدود والديات ، وهناك مئات الجزئيات لهذا