الفريضة فحسبه ؛ فغضب أبو ذر ، وقال لكعب : أتعلمنا ديننا يا ابن اليهودية. فأثار ذلك عثمان ، وأمره أن يلحق بالشام ، وألتحق أبو ذر بالشام برقابة مشددة من معاوية ، وأنكر على معاوية في الشام ، ما أنكره على عثمان في المدينة ، وكان معاوية يقول : المال مال الله ، ونحن أمناء الله على ماله. وما أراد أبو ذر أن يجبهه بأنه قد خان الأمانة ، ولكنه جبهه بأنه قال : إنما هو مال المسلمين.
وكان الناس يجتمعون في الشام إلى هذا الصحابي الجليل ، فيقول : ويلٌ للأغنياء من الفقراء. وكثرت تصريحات أبي ذر في هذا المجال ، حتى إذا بنى معاوية قصر الخضراء ، قال له أبو ذر : « إن كنت إنما بنيتها من مال المسلمين فهي الخيانة ، وإن كنت إنما بنيتها من مالك فإنما هو السرف ».
وأدرك معاوية أن أبا ذر بإشاعته المفاهيم الإسلامية في المال وسواه سيفسد عليه الشام فيما يزعم ، فكتب إلى عثمان : إن كانت لك حاجة في الشام فسير عنها أبا ذر ، فما كان من عثمان إلا أن استجاب لهذا النداء ، وكتب إلى معاوية :
أن أحمل إليّ جندباً على أغلظ مركب وأوعره ، فحمله على أشد مركب ، ووصل المدينة أبو ذر ، وقد تساقط لحم فخذيه كما يقول المؤرخون ، وأدخل على عثمان فقال له : لا أنعم الله بك علينا يا جنيدب ؛ فقال أبو ذر : أنا جندب وسماني رسول الله عبد الله ، فاخترت اسم رسول الله الذي سماني به على اسمي ، فقال له عثمان ، أنت الذي تزعم أنا نقول : يد الله مغلولة ، وأن الله فقير ونحن أغنياء ، فقال أبو ذر : لو كنتم لا تقولون ذلك لأنفقتم مال الله على عباده ؛ وأنا أشهد أني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول :