« إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً ، جعلوا مال الله دولاً ، وعباده خولاً ، ودينه دخلاً ».
فقال عثمان لمن كان حاضراً : أسمعتم ذلك من رسول الله؟ فأنكروا سماعه ، فاستدعى عثمان علياً وسأله ، فقال الإمام علي عليهالسلام إني لم أسمع ذلك من رسول الله ، ولكن أبا ذرّ صادق فيما يقول ، لأني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول فيه :
« ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ».
فقال كل من حضر : أما هذا فقد سمعناه من رسول الله.
ولم يجد عثمان في هذا سبيلاً على أبي ذر ، فعمد إلى سياسته في النفي والتغريب ، فأمر أبا ذر بالرحيل إلى الربذة منقطعاً عن الناس ، ومنع الناس من توديعه ، وأشرف مروان بن الحكم على تنفيذ الأمر ، فلم يخرج إلى توديعه إلا الإمام علي عليهالسلام وأخوه عقيل ، وابناه الحسن والحسين عليهالسلام وعمار بن ياسر ، وكان مشهد الوداع مثيراً ، إذ تكلم كل واحد من المودعين بما يناسبه ، وقال علي أمير المؤمنين :
« يا أبا ذر ؛ إنك غضبت لله فارجُ من غضبت له ، إن القوم خافوك على دنياهم ، وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب منهم بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم ، وما أغناك عما منعوك ، لا يؤنسك إلا الحق ، ولا يوحشك إلا الباطل ، فلو قبلت دنياهم لأحبوك ، ولو قرضت منها لآمنوك ».
وانتهى المطاف بمعارضة أبي ذر أن عاش ما بقي من حياته شريداً في الربذة ، حتى أدركه الموت غريباً لا يجد كفناً ، وشهدت وفاته عصابة