من المؤمنين من أهل الكوفة فيهم مالك الأشتر ، وحجر بن عدي الكندي وسواهما ، تولى هؤلاء غسله وكفنه والصلاة عليه ودفنه في تلك المفازة ، وحملوا زوجته وابنته إلى المدينة ، فتذكر الناس قول الصادق الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« يا أبا ذر ؛ تعيش وحدك ، وتدفن وحدك ، وتحشر وحدك ، ويسعد فيك ناس من أهل العراق يتولون غسلك ، ومواراتك في قبرك ».
وكان نفي أبي ذر وموته وحيداً في غربته ، أول شرارة حقيقية كبرى اندلعت فيها الثورة على عثمان ، وإن لم تكن أول شرارة ، فهي أورى شرارة قدحاً.
وكان توديع الإمام علي عليهالسلام لأبي ذر أول ما نجم بين علي وعثمان من نقمة وسخط وغضب ؛ فحينما عاد أمير المؤمنين من تشييع أبي ذر ، وزجره لمروان زجراً عنيفاً ، قيل له : إن عثمان عليك غضبان لتشييعك أبا ذر ، فأجاب علي بسخرية لاذعة : « غضب الخيل على اللجم ».
واستدعاه عثمان فقال له : « ما حملك على ما صنعت بمروان ، واجترأت عليّ ، ورددت رسولي وأمري ».
فقال عليّ : « أما مروان فاستقبلني يردّني فرددتّه عن ردّي ».
فقال عثمان : « أولم يبلغك أنني نهيت الناس عن أبي ذر وعن تشييعه؟ » فاستنكر الإمام عليهالسلام هذا ، وقال مصرّحاً :
« أو كل ما أمرتنا به من شيء يرى طاعة الله ورسوله الحق بخلافه ، إتبعنا فيه أمرك ». فأبان علي عليهالسلام : أن لا طاعة لمخلوق في معصية