على ضرعها ، فاحتفل لبناً ، فاحتلب منه وشرب ، وشرب ابو بكر ، فأعجب النبي بأمانته ، وأعجب عبد الله بكرامته ، واستيقظ من غفوته ، وأسرع فيمن أسرع للإسلام ، ونزع إلى القرآن فحفظ منه الكثير ، وجهر به في مكة ، وأوذي في سبيل الله ، وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة ، وشهد المشاهد كلها مع النبي ، وهو الذي أجهز على أبي جهل فاحتز رأسه وأتى به النبي في بدر ، ولازم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ملازمة جادّة ، وأخذ عنه القرآن ، واشتهر بتفسيره ، وورد عن النبي أنه قال : « من أحب أن يأخذ القرآن غضاً طرياً فليأخذه من ابن أم عبد ».
وتولى خدمة النبي في سفره وحضره ، وكانت منزلته لديه جليلة ، ورآه الصحابة يتسلق شجرة فضحكوا من دقة ساقيه ، فامتعظ النبي من ذلك ، وقال :
« إنهما لأثقل في الميزان يوم القيامة من جبل أحد ».
واستعمل عمر عمار بن ياسر أميراً على الكوفة ، وبعث معه عبد الله معلماً ووزيراً ، وقال إنه آثرهم به على نفسه ، وتولى بيت المال في ولاية سعد وظل عليه حتى ولاية الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، فاستقرضه الوليد من بيت المال شيئاً فأقرضه ، وطالبه بالمال فمطل له ، وألح عليه ابن مسعود ، فشكاه الوليد إلى عثمان ، فكتب له عثمان :
« إنما أنت خازن لنا ، فلا تعرض للوليد فيما أخذ من بيت المال ».
فألقى ابن مسعود المفاتيح ، واعتزل في داره ، وبدأت معارضته لعثمان منكراً ما يشاهد من أحداث ، ومعرضاً بما رآه من بدع ، فقد كان يخطب كل خميس فيقول :
« إن أصدق القول كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم