فقال عمّار : والله أنا ابن سمية وأبي ياسر ، فغضب عثمان ، وألبه عليه مروان ، وقال لعثمان : إن هذا العبد الأسود قد جرأ عليك الناس ، ولو قتلته هابك من وراءه ، فتناول عثمان عصا فضرب بها عماراً ، وأمر غلمانه فطرحوه أرضاً ، وقام عثمان فرفسه برجليه ، على مذاكيره ، وركله ركلاً شديداً ، فأصيب بفتق ورضوض وغشي عليه ، وأخرجوه من الدار وألقوه طريحاً في الطريق العام.
وأنكر المسلمون ذلك ، وعظم عليهم ، وثار هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، وقال لعثمان : أما والله لئن مات لأقتلن به رجلاً من بني أمية عظيم الشأن. وكأنه يقصد عثمان بذلك.
وأفاق عمّار ، فجاشت نفسه بذكرياتها المريرة ، فتذكر ما كان يلقاه على يد طواغيت قريش ، فصبر على ذلك ، ولكنه أذكى شرارة في نفوس المسلمين لم تخبُ حتى حين.
ولم يكن أبو ذر وابن مسعود وعمار زعماء للمعارضة وحدهم فلست بصددها ، ولكني بصدد موقف الإمام علي عليهالسلام من عثمان وسنأتي علية ، بل أضف إليهم عائشة أم المؤمنين التي نادت : اقتلوا نعثلاً قتله الله ، اقتلوا نعثلاً فقد كفر ؛ وطلحة والزبير أيضاً كانا يترصدان به دائرة السوء ، وحتى البيت الأموي كان به من يمثل هذه المعارضة ، فهذا محمد بن أبي حذيفة ، جده لأبيه عتبة فارس المشركين ببدر ، وهو ابن خال معاوية ، وهو ربيب عثمان في بيته ، وقد وجد نفسه صفر الكف من ولايات عثمان ، وقد غضب لذلك وهاجر إلى مصر ، فكان يحرض الناس على عثمان تحريضاً مرّاً ، يلقى الرجل عائداً من غزو الروم فيسأله : أمن الجهاد قدمت؟ فيقول : نعم ، فيشير ابن أبي حذيفة إلى جهة الحجاز قائلاً : « أما والله لقد تركنا خلفنا الجهاد حقاً » ويتساءل