عثمان ، والتقوا به في قرية خارج المدينة فناظروه وحكّموا المصحف بينه وبينهم ، فأقنعهم عثمان ظاهراً ، وخرج إلى المسجد الجامع ، وخطب فأثنى على المصريين ، وانصرف المصريون راضين أول الأمر.
واستنجد عثمان بعلي عليهالسلام ومحمد بن مسلمة ، فأنجداه بالوساطة الكريمة ، ووعدهم برفع المظالم ، وقضاء الحوائج ، والإنتصاف من العمال والولاة ، ولكن مروان أفسد الحال ، ورّد الناس ردّاً عنيفاً ، وكانت هنالك أحداث ومحاججات ، وكان هناك غدر بالعهود والمواثيق ، حتى بلغ السيل الزبى ، فخرج المصريون في ستمائة فارس فأتوا علياً ، فصاح بهم وطردهم ، وأتى البصريون طلحة فشايعهم بذلك ، وأتى الكوفيون الزبير فمالئهم.
وتعقدت الأمور تعقداً عجيباً وسريعاً أيضاً ، فقد تداعى الثائرون من أهل الأمصار بالمدينة ، ونادوا بالأمان لمن كفَ يده ، وحصروا عثمان في الدار ، فاستنجد عثمان بأمراء الأجناد للمنع عنه ، والذب دونه ، فتراخى معاوية ، وتربص ابن أبي سرح ، وتثاقل عبد الله بن عامر ، وخرج من الكوفة القعقاع بن عمرو لنجدة عثمان ، فلما انتهى الخبر إلى الثائرين ، جمعوا أمرهم ، واستقر رأيهم على خلع عثمان وعلى قتل عثمان أيضاً.
وخرج عثمان يوم الجمعة يصلي بالناس ، فوعد وأوعد وهدد وأنذر ، ووعظ وذكر ، فجبهه حكيم بن جبلة ، وقتيرة بن وهب ، وثار القوم بعثمان وحصبوه حتى صُرع مغشياً عليه ، وأدخل داره ، واستقتل نفر دونه ، منهم : الحسن بن علي عليهماالسلام ، وسعد بن أبي وقاص ، وزيد بن ثابت كما يقول ابن أبي الحديد.