« أما يرضى مروان منك إلا أن يحرفك عن دينك وعقلك ، فأنت معه كجمل الضعينة يقاد حيث يسار به ، والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا عقله ، وإني لأراه يوردك ولا يصبرك ، وما أنا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك ، أفسدت شرفك ، وغُلبت على رأيك ... ثم نهض.
وكان هذا آخر دخول لعلي على عثمان.
ولقد صح ما توقعه الإمام ، فقد سلّم عثمان الأمر كله إلى مروان ، فَتلعبَ به مروان كما قال الإمام ، وأورده موارد الهلكة ولم يصدره ، فلم يكن ذا دين ، ولم يكن ذا رأي ، ولم يكن ذا منزلة.
وتطورة الأحداث تطوراً سريعاً ، فالمصريون يكتشفون أنبوبة رصاص مع رسول عثمان إلى مصر ، وفي الأنبوبة صحيفة تأمر الوالي بالقتل أو الصلب وبالنفي والتشريد لجملة من المصريين ، وعثمان بين ذلك يثني على المصريين ويعد علياً بأن ينصف الناس من نفسه ومن عماله ، ومروان يفسد الأمر عليه ، وعثمان يقول لعلي : لست آمن الناس على دمي فارددهم عني ، فإني أعطيهم ما يريدون من الحق من نفسي ومن غيري ، فيقول له علي عليهالسلام :
« إن الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك ، وإنهم لا يرضون إلا بالرضا ، وقد كنت أعطيتهم من قبل عهداً فلم تفِ به ، فلا تغرر في هذه المرة ، فإني معطيهم عنك الحق ».
قال عثمان : إعطهم فوالله لأفين لهم. فما أعطاهم عثمان شيئاً ولا وفى لهم.
وعلم الثائرون أن لا شيء بيد عثمان ، لا عزل ولا منع ، ولا دفع مظلمة ، وإشتدّ الحصار بعثمان ، وإشتدّ الثائرون بمطالبهم ، وإستعجل