الفتنة. فأظهر القوم استحسان كلامه ، وقالوا : إنا قد رضينا منك رأيك ، فأن قبل عليٌّ بمثل هذا الرأي صالحناه عليه.
ورجع القعقاع فيما يقول بعض المؤرخين إلى الإمام فأنبأه بحديث القوم ، فسرّ الإمام بذلك سروراً عظيماً.
وكان حديث القوم مع القعقاع ـ إن صح ـ لا يستقيم عملياً ، فقد تجاوز القوم الحدّ في سفك الدماء بالبصرة قبل سفارته ، وقد ينبغي أن نذكر أن جيش المتمردين قد إقتحم مشارف البصرة ، وأُقحمت البصرة بالحرب جهاراً ، وأهلكت طلائع الجيش الحرث والنسل ، وقد سمي ذلك بيوم الجمل الأصغر ، فقد بعثت عائشة بابن عامر إلى البصرة يتألف فيها صنائعه ، فاجتمع له جيش سرّي يضمن لجيش الناكثين النصرة والحماية ، ويكون له ظهرياً إن هو اقتحم البصرة ، ولم يكن عثمان بن حنيف والي البصرة لتخفى عليه هذه المكائد ، فقد كان متنبهاً لها ، ومتحصناً قدر المستطاع ، وتأهب للحرب حسب الإمكان ، وأراد أن يخبر أهل البصرة بحديث القوم ، فبعث من يخطب بالمسجد قائلاً :
« أيها الناس : إن هؤلاء القوم قد جاؤوكم ؛ إن كانوا جاؤوكم خائفين ، فقد جاؤوا من المكان الذي يأمن فيه الطير ، وإن كانوا جاؤوا يطلبون بدم عثمان فما نحن بقتلة عثمان ... أطيعوني فردّوهم ».
فكان اللغط كثيراً ، وكان الرد على هذا الخطاب : أن القوم إنما فزعوا إلينا ليستعينوا بنا على قتلة عثمان ، فعلم ابن حنيف أن هذا أمر دبر بليل ، فتوسل بالرسل والأسفار إلى القوم فأرسل عمران بن حصين ، وأبا الأسود الدؤلي يستطلعان ما عزم عليه النفير ، ووصل السفيران فاستئذنا على عائشة وقالا :