« يا أم المؤمنين : إن أميرنا بعثنا إليك نسألك عن مسيرك ، فهل أنت مخبرتنا؟ » فتعللت بالجواب بإرادة الإصلاح ، فقالا : « فهل معك عهد من رسول الله في هذا المسير ».
فأُرتج عليها الجواب. وقد يقال بأنها قالت : « إن عثمان قتل مظلوماً ، لقد غضبنا لكم من السوط والعصا ، أفلا نغضب لقتل عثمان ، فرد عليها أبو الأسود « وما أنتِ ومن عصانا وسوطنا ، وأنت حبيس رسول الله أمرك أن تقرّي في بيتك ، فجئت تضربين الناس بعضهم ببعض ، فقالت : وهل أحد يقاتلني؟ فقال أبو الأسود : أي والله لتقاتلين قتالاً أهونه لشديد ، أو قال : قتالاً أهونه أن تندر فيه الرؤوس ».
وكان أبو الأسود صادقاً فيما قال ـ كما سترى ـ وناصحاً غاية النصح ، ولئن نصح لها أبو الأسود في هذا الموقف ، فقد نصح لها جارية بن قدامة السعدي في موقف آخر ، وأبلغ في النصح ، وأعذر في القول ، وشدد في النكير ، وقال :
« يا أم المؤمنين ، والله لقتل عثمان أهون من خروجك على هذا الجمل الملعون عرضة للسلاح ، لقد كان لك من الله ستر وحرمة ، فهتكت سترك وأبحت حرمك ، وإن من رأى قتالك فقد رأى قتلك ، فإن كنت قد أتيتنا طائعة فارجعي إلى منزلك ، وإن كنت مستكرهة فاستعيني بالناس ».
ومهما يكن من أمر فقد ترك الرسولان عائشة وقصدا طلحة وسألاه :
ما أقدمك؟ فقال طلحة : الطلب بدم عثمان. فقال أبو الأسود :
« يا أبا محمد قتلتم عثمان غير مؤامرين لنا في قتله ، وبايعتم علياً