فيرفعها شعاراً كما رفع قميص عثمان شعاراً ، وأن يصمه بحسد عثمان والإجلاب عليه والاتهام بقتله.
ويتضح من هذا الكتاب أن معاوية لا يريد إصلاحاً ولا صلاحاً بل اشتط به كل الشطط لإيراء الحرب ، واتكأ في ذلك على أن علياً عليهالسلام آوى قتلة عثمان ، ولم يكن الأمر كذلك ، إذ كان علي عليهالسلام يخذل الناس عن عثمان ، وينهاهم ويزجرهم ، ونصح لعثمان ـ كما سبق ـ نصحاً أرضى به ربّه ونفسه حذر الفتنة.
وحقٌّ لعلي أن يقول لهذا ولأمثاله :
« أنزلني الدهر حتى قيل عليٌ ومعاوية ». فيا له من حرج في النفس ، ويا له من مقياس عند الناس ، ويا له من هوان يتأثم منه التقي ، ويتحرج ذو الدين.
ومهما يكن من شيء فقد أنهى أبو مسلم الكتاب إلى أمير المؤمنين ، وجمع علي عليهالسلام الناس في المسجد ، وقرىء الكتاب ، فتنادى الناس من جوانب المسجد « كلنا قتلة عثمان ، وكلنا كان منكراً لعمله ». واتضح لأبي مسلم أن علياً لا يستطيع أن يسلم هذا الجمع من الناس ، فهم يحكمونه الآن وهو لا يحكم ، كما اتضح له أن قاتليه رأوا في قتله صلاح أمر الدين ، فجعل أبو مسلم يردد ، مع وضوح الأمر لديه إعذاراً : الآن طاب الضراب.
وبهذا فقد بلغ معاوية قصده ، فهدفه أن يجعل المترددين موقنين بمشروعية طلبه للثأر المزعوم ، والغريب ـ كما هو متوقع ـ أن الحكم حينما صفا لمعاوية لم يذكر عثمان ، ولا دم عثمان ، ولا ثأر عثمان ، ولا أبناء عثمان ، وكان كل ذلك نسياً منسياً ، وإنما شهر كل ذلك سلاحاً في