وخالك وجدك وأهلك وما هي من الظالمين ببعيد ».
وهكذا توالت الرسائل بين الإمام ومعاوية ، ومعاوية يكيد ويريد الحرب طلباً للملك ، وعليٌ عليهالسلام يريد الإصلاح واستقرار الإسلام ، وأخيراً كان لا بد مما ليس منه بد ، فقد قدّم علي طلائعه إلى صفين ، وأمرهم أن لا يبدأوهم بقتال حتى يأتيهم ، وسار علي عليهالسلام ببقية جيشه حتى وصل إلى صفين. وسار معاوية بجيوش الشام حتى انتهى إلى صفين أيضاً ، وكان وصول معاوية اسبق فاستولى على الماء واهتلك شريعه الفرات يريد أن يحلئ علياً واصحابه عن الماء وجرت خطوب كثيرة ، واشتد القتال على المشرعة فامتلكها علي عليهالسلام ، وأراد أصحابه منع أهل الشام الماء ، فأبى الإمام ذلك لأن دينه يمنعه ، فالماء من المباحات المشتركة بين الناس ، عسى أن لا يتعجل حرباً ، ولا يسفك دماً ، يأتلف المخالف ، ويعفو عن المسيء ، ويلتمس العذر للآخرين ، ولكن للحرب بوادر ، ولها مظاهر ، ما نفع معها الجدل الهادىء ولا العنيف ، ولا أطفأ نائرتها التغاضي والصفح الجميل ، وإنما قامت على ساق رغم الظروف السياسية المتينة التي سيّرها أمير المؤمنين بحكمته ودرايته وتجربته لإخماد اللهيب ، ورغم الجهود التي أوجدها لإحلال الأمن والسلام.
ذهبت كل المؤشرات الخيرة التي بذلها الإمام أدراج الرياح ، وحل محلها العنت والتزمت والعدوان ، فاستمسك الإمام بالأمر ما استمسك ، فلما فلت الزمام قامت الحرب.