المهاجرين والأنصار ، وسار بعلية أصحابه حتى نزل « مرّ الظهران » فأمر أصحابه فأوقدوا ـ بعددهم ـ عشرة آلاف نار ، يريد أن يرهب أعداء الله ، وأرسلت قريش العيون ، وفي طليعة أولئك أبو سفيان ، يتلمسون الأنباء ، ويتطلعون الأخبار ، فبهتوا للنيران تشق ظلماء الصحراء ، وإذا بأبي سفيان يلتقي العباس عم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيسأله ما وراءك يا أبا الفضل؟ فيقول : هذا رسول الله قد دلف إليكم بعشرة آلاف من المسلمين.
يقول أبو سفيان : فما الحيلة؟ فيجيبه العباس :
« والله لئن ظفر بك رسول الله ليضربن عنقك ». وفي سرعة يردفه العباس معه ، ويقدم به على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يستأمنه له ، وإذا بجملة من المسلمين يتنادون : أبو سفيان عدو الله ، وإذا بعمر يصرخ : الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ، وطلب الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يضرب عنقه ، فابتدر العباس : « يا رسول الله قد أجرته » فآمنه رسول الله وأمر بأن يغدى به عليه. وصباحا قال له رسول الله : ويحك يا أبا سفيان ... ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله. قال أبو سفيان : بأبي أنت وأمي : ما أوصلك وأحلمك ، والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئا.
فعاوده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الم يأن لك أن تعلم أني رسول الله. قال أبو سفيان : أما هذه ففي النفس منها شيء ، فنهره العباس : ويلك تشهد شهادة الحق قبل والله أن تضرب عنقك. فيتشهد أبو سفيان مستسلما لا مؤمنا ، ومنتهزا لا صادقا ، ولكنه وحي الخذلان وذل الأنهزام.
والتفت النبي للعباس ، انصرف به فاحبسه عند خطم الجبل بمضيق الوادي حتى تمرّ عليه جنود الله.