الدليل الذي يستند إليه الفقيه في استنباط الحكم الشرعي إمّا أن يؤدّي إلى العلم بالحكم الشرعي ، أوْ لا.
ففي الحالة الاولى يكون الدليل قطعياً ويستمدّ شرعيته وحجّيته من حجّية القطع ؛ لأنّه يؤدّي إلى القطع بالحكم ، والقطع حجّة بحكم العقل ، فيتحتّم على الفقيه أن يقيم على أساسه استنباطه للحكم الشرعي. ومن نماذج الدليل القطعي : كلّ آيةٍ كريمةٍ تدلّ على حكمٍ شرعيٍّ بصراحةٍ ووضوحٍ لا يقبل الشكّ والتأويل ، ومن نماذجه أيضاً : القانون القائل : «كلّما وجب الشيء وجبت مقدِّمته» ، فإنّ هذا القانون يعتبر دليلاً قطعياً على وجوب الوضوء بوصفه مقدِّمةً للصلاة.
وأمّا في الحالة الثانية فالدليل ناقص ؛ لأنّه ليس قطعياً ، والدليل الناقص إذا حكم الشارع بحجّيته وأمر بالاستناد إليه في عملية الاستنباط بالرغم من نقصانه أصبح كالدليل القطعي ، وتحتّم على الفقيه الاعتماد عليه. ومن نماذج الدليل الناقص الذي جعله الشارع حجّةً : خبر الثقة ، فإنّ خبر الثقة لا يؤدّي إلى العلم ؛ لاحتمال الخطأ فيه أو الشذوذ ، فهو دليل ظنّي ناقص وقد جعله الشارع حجّةً وأمر باتّباعه وتصديقه ، فارتفع بذلك في عملية الاستنباط إلى مستوى الدليل القطعي.