الفصل الأول
الاستقراء في الأحكام
من ألوان الدليل الاستقرائي أن ندرس عدداً كبيراً من الأحكام الشرعية فنجد أنّها تشترك جميعاً في اتّجاهٍ واحد ، فنكتشف قاعدةً عامةً في التشريع الإسلامي عن طريقها.
ولنذكر على سبيل المثال لهذا الدليل محاولةً ذكرها الفقيه الشيخ يوسف البحراني في كتابيه : الحدائق (١) والدرر النجفية (٢) تستهدف إثبات قاعدةٍ عامةٍ عن طريق الاستقراء ، وتلك القاعدة العامّة هي القاعدة القائلة بمعذورية الجاهل ، أي أنّ كلّ جاهلٍ إذا ارتكب خطأً نتيجةً لجهله بالحكم الشرعي فلا تترتّب على ذلك الخطأ تبعة. وقد استدلّ الفقيه البحراني على هذه القاعدة بحالاتٍ كثيرةٍ في الفقه ثبت شرعاً أنّ الجاهل بالحكم معذور فيها ، واستكشف عن طريق استقراء تلك الحالات القاعدة القائلة بمعذورية الجاهل شرعاً في جميع الحالات.
وتلك الحالات التي أقام عليها الفقيه البحراني استقراءه واستنتاجه للقاعدة العامة هي الحالات التي نصّت عليها الأدلّة التالية :
أولاً : ما دلّ من الشرع في أحكام الحجّ (٣) على أنّ الجاهل معذور ، فمن
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٧٧ ، المقدّمة الخامسة
(٢) الدرر النجفية : ٧ ، السطر ١٧
(٣) وسائل الشيعة ١٣ : ١٥٨ ، الباب ٨ من أبواب بقية كفّارات الإحرام ، الحديث ٤