من تجمّع تلك القرائن «دليلاً استقرائياً».
ومن أمثلة الدليل الاستقرائي بهذا المعنى الذي نريده هنا : «التواتر» ، وهو : أن يخبرك عدد كبير جدّاً من الناس بحادثةٍ رأوها بأعينهم ، فأنت حين تسمع الخبر من أحدهم تحتمل صدقه ؛ ولكنّك لا تجزم بذلك ، فتعتبر خبره قرينةً ناقصةً على وقوع الحادثة ، فإذا سمعت الخبر نفسه من شخصٍ آخر تقوَّى في نفسك احتمال وقوع الحادثة نتيجةً لاجتماع قرينتين ، وهكذا يظلّ احتمال وقوع الحادثة ينمو ويكبر كلّما جاء مخبر جديد عنها حتّى يصل الى درجة العلم.
وقد نطلق على الدليل الاستقرائي بالمعنى الذي حدّدناه اسم «الدليل الاحتمالي» ، أو «الدليل القائم على حساب الاحتمالات» ؛ لأنّ الدليل الاستقرائي لمّا كان مردّه في التحليل العلمي الى عملية تجميع القرائن فهو يتضمّن قياس قوة الاحتمال الناتج عن كلّ قرينةٍ وجمع القُوى الاحتمالية لمجموع القرائن وفقاً لقوانين سوف نشير إليها في الحلقات المقبلة ، وقياس تلك القوى الاحتمالية وجمعها هو ما يسمّى بحساب الاحتمالات ، وحيث إنّ الدليل الاستقرائي يتضمّن ويعتمد عليه فهو يقوم على أساس حساب الاحتمالات.
وسوف نتحدّث في ما يلي عن دور الدليل الاستقرائي في استنباط الأحكام ، وذلك في فصلين :