٤ ـ الاستصحاب
على ضوء ما سبق نعرف أنّ أصل البراءة يجري في موارد الشبهة البدوية دون الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي.
ويوجد في الشريعة أصل آخر نظير أصل البراءة ، وهو ما يطلق عليه الاصوليون اسم «الاستصحاب».
ومعنى الاستصحاب : حكم الشارع على المكلّف بالالتزام عملياً بكلِّ شيءٍ كان على يقينٍ منه ثمّ شكّ في بقائه. ومثاله : أنّا على يقينٍ من أنّ الماء بطبيعته طاهر ، فإذا أصابه شيء متنجِّس نشكّ في بقاء طهارته ؛ لأنّنا لا نعلم أنّ الماء هل تنجّس بإصابة المتنجِّس له ، أوْ لا؟
وكذلك نحن على يقينٍ ـ مثلاً ـ بالطهارة بعد الوضوء ونشكّ في بقاء هذه الطهارة إذا حصل الإغماء ؛ لأنّنا لا نعلم أنّ الإغماء هل ينقض الطهارة ، أوْ لا؟
والاستصحاب يحكم على المكلّف بالالتزام عملياً بنفس الحالة السابقة التي كان على يقينٍ بها ، وهي
طهارة الماء في المثال الأول ، والطهارة من الحدث في المثال الثاني.
ومعنى الالتزام عملياً بالحالة السابقة : ترتيب آثار الحالة السابقة من الناحية العملية ، فإذا كانت الحالة السابقة هي الطهارة نتصرّف فعلاً كما إذا كانت الطهارة باقية ، وإذا كانت الحالة السابقة هي الوجوب نتصرّف فعلاً كما إذا كان الوجوب باقياً.
والدليل على الاستصحاب : هو قول الإمام الصادق عليهالسلام : «لا ينقض اليقين