الفصل الأوّل
[في التعارض بين دليلين لفظيّين]
في حالة التعارض بين دليلين لفظيّين توجد قواعد نستعرض في ما يلي عدداً منها :
١ ـ من المستحيل أن يوجد كلامان للمعصوم يكشف كلّ منهما بصورةٍ قطعيةٍ عن نوعٍ من الحكم يختلف عن الحكم الذي يكشف عنه الكلام الآخر ؛ لأنّ التعارض بين كلامين صريحين من هذا القبيل يؤدّي الى وقوع المعصوم في التناقض ، وهو مستحيل.
٢ ـ قد يكون أحد الكلامين الصادرين من المعصوم صريحاً وقطعياً ، ويدلّ الآخر بظهوره على ما ينافي المعنى الصريح لذلك الكلام. ومثاله : أن يقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في نصٍّ مثلاً : «يجوز للصائم أن يرتمس في الماء حال صومه» ، ويقول في نصٍّ آخر : «لا ترتمس في الماء وأنت صائم» ، فالنصّ الأول دالّ بصراحةٍ على إباحة الارتماس للصائم ، والنصّ الثاني يشتمل على صيغة نهي ، وهي تدلّ بظهورها على الحرمة ؛ لأنّ الحرمة هي أقرب المعاني الى صيغة النهي وإن أمكن استعمالها في الكراهة مجازاً ، فينشأ التعارض بين صراحة النصّ الأول في الإباحة وظهور النصّ الثاني في الحرمة ؛ لأنّ الإباحة والحرمة لا يجتمعان. وفي هذه الحالة يجب الأخذ بالكلام الصريح القطعي ؛ لأنّه يؤدّي الى العلم بالحكم الشرعي ، فنفسِّر الكلام الآخر على ضوئه ونحمل صيغة النهي فيه على الكراهة ؛ لكي ينسجم مع النصّ الصريح القطعي الدالّ على الإباحة.
وعلى هذا الأساس يتّبع الفقيه في استنباطه قاعدةً عامة ، وهي الأخذ