بدليل الإباحة والرخصة إذا عارضه دليل آخر يدلّ على الحرمة أو الوجوب بصيغة نهيٍ أو أمر ؛ لأنّ الصيغة ليست صريحة ودليل الإباحة والرخصة صريح غالباً.
٣ ـ قد يكون موضوع الحكم الذي يدلّ عليه أحد الكلامين أضيق نطاقاً وأخصّ دائرة من موضوع الحكم الذي يدلّ عليه الكلام الآخر. ومثاله أن يقال في نصٍّ : «الربا حرام» ، ويقال في نصٍّ آخر : «الربا بين الوالد وولده مباح» ، فالحرمة التي يدلّ عليها النصّ الأول موضوعها عامّ ؛ لأنّها تمنع بإطلاقها عن التعامل الربوي مع أيّ شخص ، والإباحة في النصّ الثاني موضوعها خاصّ ؛ لأنّها تسمح بالربا بين الوالد وولده خاصّة ، وفي هذه الحالة نقدِّم النصِّ الثاني على الأول ؛ لأنّه يعتبر بوصفه أخصَّ موضوعاً من الأول قرينةً عليه ، بدليل أنّ المتكلِّم لو أوصل كلامه الثاني بكلامه الأول فقال : «الربا في التعامل مع أيِّ شخصٍ حرام ، ولا بأس به بين الوالد وولده» لأبطل الخاصّ مفعول العامّ وظهوره في العموم.
وقد عرفنا سابقاً أنّ القرينة تقدّم على ذي القرينة ، سواء كانت متّصلةً أو منفصلة.
ويسمّى تقديم الخاصّ على العامّ تخصيصاً للعامّ إذا كان عمومه ثابتاً بأداةٍ من أدوات العموم ، وتقييداً له إذا كان عمومه ثابتاً بالإطلاق وعدم ذكر القيد ، ويسمّى الخاصّ في الحالة الاولى «مخصّصاً» وفي الحالة الثانية «مقيّداً».
وعلى هذا الأساس يتّبع الفقيه في الاستنباط قاعدةً عامة ، وهي الأخذ بالمخصّص والمقيّد وتقديمهما على العامّ والمطلق.
٤ ـ وقد يكون أحد الكلامين دالًّا على ثبوت حكمٍ لموضوع ، والكلام الآخر ينفي ذلك في حالةٍ معيّنةٍ بنفي ذلك الموضوع. ومثاله أن يقال في نصٍّ :