ويعطى منشاراً وفأساً وما إليهما من أدوات دون أن يملك أفكاراً عامةً عن عملية النجارة وطريقة استخدام تلك الأدوات.
وكما أنّ العناصر المشتركة في الاستنباط التي يدرسها علم الاصول ضرورية لعملية الاستنباط فكذلك العناصر الخاصّة التي تختلف من مسألةٍ إلى اخرى ، كمفردات الآيات والروايات المتناثرة التي تشكِّل العناصر الخاصّة والمتغيّرة في عملية الاستنباط ، فإنّها الجزء الضروريّ الآخر فيها الذي لا تتمّ العملية بدونه ، ولا يكفي في إنجاحها مجرّد الاطّلاع على العناصر المشتركة التي يمثّلها علم الاصول واستيعابها.
ومن يحاول الاستنباط على أساس الاطّلاع الاصولي فحسب نظير من يملك معلوماتٍ نظرية عامة عن عملية النجارة ولا يوجد لديه فأس ولا منشار وما إليهما من أدوات النجارة ، فكما يعجز هذا الشخص عن صنع سريرٍ خشبيٍّ ـ مثلاً ـ فكذلك يعجز الاصولي عن الاستنباط إذا لم يفحص بدقّةٍ العناصر الخاصّة المتغيّرة.
وهكذا نعرف أنّ العناصر المشتركة والعناصر الخاصّة قطبان مندمجان في عملية الاستنباط ، ولا غنى للعملية عنهما معاً ، ولهذا يتحتّم على المستنبط أن يدرس العناصر المشتركة ويحدّدها في علم الاصول ، ثمّ يضيف إليها في بحوث علم الفقه العناصر الخاصّة لتكتمل لديه عملية الاستنباط التي يمارسها في علم الفقه.
ونخشى أن نكون قد أوحينا إليكم بتصوّرٍ خاطئ حين قلنا : إنّ المستنبط يدرس في علم الاصول العناصر المشتركة ويحدّدها ، ويتناول في بحوث علم