الفصل الثالث
العلاقات القائمة بين الحكم ومتعلّقه
عرفنا أنّ وجوب الصوم ـ مثلاً ـ موضوعه مؤلَّف من عدّة عناصر تتوقّف عليها فعلية الوجوب ، فلا يكون الوجوب فعلياً وثابتاً إلّا إذا وجد مكلّف غير مسافرٍ ولا مريضٍ وهلَّ عليه هلال شهر رمضان ، وأمّا متعلّق هذا الوجوب فهو الفعل الذي يؤدّيه المكلّف نتيجةً لتوجّه الوجوب إليه ، وهو الصوم في هذا المثال.
وعلى هذا الضوء نستطيع أن نميِّز بين متعلّق الوجوب وموضوعه ، فإنّ المتعلّق يوجد بسبب الوجوب ، فالمكلّف إنّما يصوم لأجل وجوب الصوم عليه ، بينما يوجد الحكم نفسه بسبب الموضوع ، فوجوب الصوم لا يصبح فعلياً إلّا إذا وجد مكلّف غير مريضٍ ولا مسافرٍ وهلّ عليه الهلال.
وهكذا نجد أنّ وجود الحكم يتوقّف على وجود الموضوع ، بينما يكون سبباً لإيجاد المتعلّق وداعياً للمكلّف نحوه.
وعلى هذا الأساس نعرف أنّ من المستحيل أن يكون الوجوب داعياً الى إيجاد موضوعه ومحرِّكاً للمكلّف نحوه كما يدعو الى إيجاد متعلّقه ، فوجوب الصوم على كلِّ مكلّفٍ غير مسافرٍ ولا مريضٍ لا يمكن أن يفرض على المكلّف أن لا يسافر ، وإنّما يفرض عليه أن يصوم إذا لم يكن مسافراً ، ووجوب الحجّ على المستطيع لا يمكن أن يفرض على المكلّف أن يكتسب ليحصل على الاستطاعة ، وإنّما يفرض الحجّ على المستطيع ؛ لأنّ الحكم لا يوجد إلّا بعد وجود موضوعه ، فقبل وجود الموضوع لا وجود للحكم لكي يكون داعياً الى إيجاد موضوعه ،