وإذا لم يحكم الشارع بحجّية الدليل الناقص فلا يكون حجّة ، ولا يجوز الاعتماد عليه في الاستنباط ؛ لأنّه ناقص يحتمل فيه الخطأ.
وقد نشكّ ولا نعلم هل جعل الشارع الدليل الناقص حجّةً ، أوْ لا ، ولا يتوفّر لدينا الدليل الذي يثبت الحجّية شرعاً أو ينفيها؟ وعندئذٍ يجب أن نرجع إلى قاعدةٍ عامةٍ يقرّرها الاصوليون بهذا الصدد ، وهي القاعدة القائلة : «إنّ كلّ دليلٍ ناقصٍ ليس حجّةً ما لم يثبت بالدليل الشرعي العكس» ، وهذا هو معنى ما يقال في علم الاصول من أنّ «الأصل في الظنّ هو عدم الحجّية إلّا ما خرج بدليلٍ قطعي».
ونستخلص من ذلك : أنّ الدليل الجدير بالاعتماد عليه فقهياً هو الدليل القطعي ، أو الدليل الناقص الذي ثبتت حجّيته شرعاً بدليلٍ قطعي.
والدليل في المسألة الفقهية ـ سواء كان قطعياً أو لم يكن ـ ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
١ ـ الدليل اللفظي : وهو الدليل المستمدّ من كلام المولى ، كما إذا سمعت مولاك يقول : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) فتستدلّ بذلك على وجوب الصلاة.
٢ ـ الدليل البرهاني : (١) وهو الدليل المستمدّ من قانونٍ عقليّ عامّ ، كما إذا
__________________
(١) لا نريد بكلمة «البرهان» مصطلحها المنطقي ، بل نريد بها : الطريقة القياسية في الاستدلال ، غير أنّا تحاشينا عن استخدام كلمة «القياس» بدلاً عن كلمة «البرهان» ؛ لأنّ لها معنىً في المصطلح الاصولي يختلف عن مدلولها المنطقيِّ الذي نريده هنا. (المؤلّف قدسسره)