الغنم من أن الدليل إنما دل على ذلك في الغلات والنقدين خاصة وأما الأنعام فلم يقم على إجزاء القيمة فيها دليل ، وقد تقدم أن ذلك مذهب الشيخ المفيد وإليه يميل كلام المحقق في المعتبر. والعجب من الشيخ الحر في الوسائل أنه ترجم الباب (١) هكذا «باب جواز إخراج القيمة عن زكاة الدنانير والدراهم وغيرهما» ولم يورد من الأخبار الدالة على ذلك إلا صحيحتي علي بن جعفر والبرقي المتقدمتين (٢) المشتملة إحداهما على الغلات والثانية على النقدين ، وهذا من بعض غفلاته.
ولا ريب أن ما ذهب إليه الشيخ المفيد (قدسسره) هنا بمحل من القوة فإن مقتضى الأدلة وجوب إخراج الفرائض المخصوصة فلا يجوز العدول عنها إلا بدليل ، ويؤيده أيضا ظواهر جملة من الأخبار مثل خبر محمد بن مقرن وصحيحة زرارة المتقدمتين في المقام الأول من المطلب الأول (٣) في زكاة الإبل حيث دلا على أن من ليس عنده السن المفروض أعطى سنا أدنى منه وجبره بعشرين درهما أو أعلى منه بسن أعطاه واسترجع من المصدق عشرين درهما ، ولو كانت القيمة جائزة بالمعنى الذي ذكروه لأمر به عليهالسلام عملا بسعة الشريعة المحمدية وجريا على سهولة التكليف المبني عليه قواعد تلك الملة المصطفوية. وبالجملة فالقول به يحتاج إلى الدليل وليس فليس ، وبه يظهر قوة قول الشيخ المفيد (قدسسره) فموافقة الشيخ المشار إليه مع كونه أخباريا للقول المشهور هنا مع ما هو عليه من القصور لا يخلو من غفلة فإنه من أرباب النصوص الذين يحومون حولها على العموم أو الخصوص
وغاية ما استدل به العلامة هنا للقول المشهور في مطولاته أن المقصود بالزكاة دفع الخلة ورفع الحاجة وهو يحصل بالقيمة كما يحصل بالعين ، فإن الزكاة إنما شرعت جبرا للفقراء ومعونة لهم وربما كانت القيمة أنفع في بعض الأوقات فاقتضت الحكمة التسويغ. ولا يخفى ما في أمثال هذه التعليلات من الضعف وعدم الصلاحية
__________________
(١) الوسائل الباب ١٤ من زكاة الذهب والفضة.
(٢) ص ٧٢.
(٣) ص ٥٢ و ٥٣.