ميت ، وحمام طيب ، وشعب تنثر فيه دنانير أبى الطيب (١٣٦). الا أنها محيلة الغيوث ، عادية الليوث ، متحزبة الاحزاب (١٣٧) شرهة الاعزاب. ولو شكر ـ الغيث ـ شعيرها ، أخصبت ـ البلاد ـ عيرها.
١٤ ـ «بيرة» (١٣٨)
قلت : فبيرة؟
قال : بلدة صافية الجو ، رحيبة الدو (١٣٩) ، يسرح بها البعير ، ويجم بها الشعير ، ويقصدها ـ من مرسية وأحوازها ـ العير ، فساكنها بين تجر وابتغاء أجر ، وواديها نيلى الفيوض والمدود ، مصرى التخوم والحدود ، ان بلغ الى الحد المحدود ، فليس رزقه بالمحصور ولا بالمعدود. الا أنها قليلة المطر ، مقيمة على الخطر ، مثلومة الاعراض والاسوار ، مهطعة لداعى البوار ، حليفة حسن مغلوب ، معللة بالماء المجلوب ، آخذة بأكظام القلوب ، خاملة الدور ، قليلة الوجوه والصدور ، كثيرة المشاجرة والشرور ، برها أنذر من برها فى المعتمر والبور ، وزهد أهلها فى الصلاة
__________________
(١٣٦) يرمى بذلك الى وصف المتنبى (٣٠٣ ـ ٣٥٤ ه / ٩١٥ ـ ٩٦٥ م) لشعب بوان ، فى تساقط أشعة الشمس من خلال الاوراق على الارض ، وكأنها الدنانير ، وشعب بوان هو مكان بفارس قرب شيراز ، يوصف بكثرة المياه والاشجار.
قال المتنبى فى وصفه :
فدونا تنفض الاغصان فيه |
|
على أعرافها مثل الجمان |
فسرت وقد حجبن الشمس عنى |
|
وجئن من الضياء بما كفانى |
وألقى الشرق منها فى ثيابى |
|
دنانير تفر من البنان |
راجع : العرف الطيب ـ لليازجى ج ٧ ص ٦٠٣ ـ ٦١٢.
(١٣٧) فى نسختى (ر ، س) «شريفة» فلعل الصواب فى نسختنا.
(١٣٨) بيرة : هى بالاسبانية «Vera» تقع شمال شرق مملكة غرناطة ، وهى بلدة مرتفعة ، على ساحل البحر الابيض المتوسط ، مما أكسبها أهميتها الحربية.
(١٣٩) الدو : الفضاء خارج المدينة.