٢ ـ «سبتة» (٤١)
قلت : فمدينة سبتة؟
قال : عروس المجلى ، وثنية الصباح الاجلى. تبرجت تبرج العقيلة ، ونظرت وجهها من البحر فى المرآة الصقيلة ، واختص ميزان حسناتها بالاعمال الثقيلة. واذا قامت بيض أسوارها مقام سوارها ، وكان جبل بنيونش (٤٢) شمامة أزهارها ، والمنارة منازه شوارها (٤٣) ، كيف لا ترغب النفوس فى جوارها ، وتخيم الخواطر بين أنجادها وأغوارها!! الى المينا الفلكية ، والمراسى (٤٤) الفلكية ، والركية الزكية (٤٥) ، غير المنزورة ولا البكية (٤٦) ذات الوقود الجزل ، المعد للازل ، والقصور المقصورة على الجد والهزل ، والوجوه الزهر السحن ،
__________________
(٤١) سبتة : هى Ceuta احدى المدن الساحلية على شواطئ البحر الابيض المتوسط شمال المغرب ، ولكنها تتبع حاليا أسبانيا ، لها تاريخها على مر العصور الوسطى الاسلامية ، من حيث كونها قاعدة سياسية هامة ، وقد اتخذها الامويون فى العصر الاسلامى قاعدة يصدون منها تيار الفاطميين.
وفى القرن الثالث عشر استولت عليها أسرة أندلسية اسمها «بنى العزفى» ، وبقيت تحت حكم بنى الاحمر فترة من الوقت ، ثم استولى عليها البرتغال فى القرن الخامس عشر ، وأخيرا استولى عليها الاسبان ، وما تزال تحت حكمهم حتى اليوم. ومنها «مرانة السبتى» من أعلم الناس بالحساب والهندسة والفرائض والتأليف ، ومن تلاميذته ابن مرانة الفرضى «الحاسب» ، يقولون : إنه كان من أهل بلده ، وكان المعتمد بن عباد يقول : «اشتهيت أن يكون عندى من أهل سبتة ثلاثة نفر : «ابن غازى» الخطيب ، «وابن عطاء» الكاتب ، «وابن مرانة» الفرضى.
أنظر : معجم البلدان للحموى ج ١٠ ص ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٤٢) بنيونش : قرية تجاور سبتة من الغرب ، لا زالت آثارها باقية حتى اليوم.
(٤٣) شوارها : حسنها.
(٤٤) فى نسخة «س» والمراقى ، بدل «والمراسى».
(٤٥) الركية الزكية : البئر الطاهرة.
(٤٦) البئر غير البكية : هى التى لا تفيض فيض الدموع حين البكاء ، والتعبير عموما كناية عن أن منسوب المياه فيها معتدل.