أنه وطن عدم ادامه ، وبيت ظهر اهتدامه ، وفقدت به حيل التعيش وأسبابه ، ومحل لا يقيم به الا أربابه.
٢٤ ـ «وادى آش» (١٧٦)
قلت : فمدينة وادى آش؟
قال : مدينة الوطن ، ومناخ من عبر أو قطن ، للناس ما بدا (١٧٧) ولله ما بطن. وضع سديد ، وبأس شديد ، ومعدن حديد ، ومحل عدة وعديد ، وبلد لا يعتل فيه الا النسيم ، ومرأى يخجل منه الصباح الوسيم. كثيرة الجداول والمذانب ، مخضرة الجوانب. الى (١١٠ : أ) الفواكه الكثيرة ، والكروم الاثيرة ، والسقى الذي يسد الخلة ، ويضاعف الغلة. وسندها معدن الحديد والحرير ، ومعقلها أهل للتاج والسرير. وهى دار أحساب ، وارث واكتساب ، وأدب وحساب. وماؤها مجاج الجليد ، وهواؤها يذكى طبع البليد. الا أن ضعيفها يضيق عليه المعاش ، وناقهها يتعذر عليه الانتعاش ، وشيخها يسطو على عصبة الارتعاش (١٧٨). فهى ذات برد ، وعكس وطرد ، ما شئت من لحى راعد ، ومقرور على الجمر قاعد ، ونفس صاعد ، وفتنة يعد بها واعد ، وشرور تسل الخناجر ، وفاجر يسطو بفاجر ، وكلف بهاجر (١٧٩) ، واغتمام تبلغ به القلوب الحناجر ، وزمهرير تجمد له المياه فى ناجر شهر (١٨٠). وعلى ذلك فدرتها
__________________
(١٧٦) وادى آش : هى «Guadix» تقع شمال شرق غرناطة ، على نهر «فردس» وتبعد عن غرناطة بنحو ٥٥ كم.
راجع : الحميرى فى : «الروض المعطار» ص ١٩٢ ـ ١٩٣ نشر ليفى بروفنسال.
(١٧٧) فى نسخة (ط) «ما ظهر».
(١٧٨) فى نسختى (ط ، س) «وشيخها يخطو على قصبة الارتعاش».
(١٧٩) الهاجر : الفحش والبذىء من القول.
(١٨٠) شهر ناجر : كل شهر من شهور الصيف ، لان الابل تنجر فيه أى تعطش.