على ولدها الام ، فهواؤها ملائم ، والعنب على الفصول دائم. الا أن الشمس لا تطرقه بنوال ، ولا ترمقه الا وقت زوال. قد باء بالحظ الموكوس وانكمش تحت ابط الظل المنكوس ، فجوه عديم الطلاوة (١٢٦ : أ) ، وعنبه ـ للبرد ـ قليل الحلاوة.
١٦ ـ «سجلماسة» (١٤٤)
قلت : فسجلماسة؟
قال : تلك كورة (١٤٥) ، وقاعدة مذكورة ، ومدينة محمودة مشكورة ، كانت ذات تقديم ، ودار ملك قديم (١٤٦) ، وبلد تبر وأديم ، ومنمى تجر ومكسب عديم (١٤٧). معدن التمر ، بحكمة صاحب الخلق والامر ، تتعدد أنواعه ، فتعيى الحساب. وتجم بها فوائده فتحسب الاقتناء والاكتساب. قد استدار بها ـ لحلق السور ـ الامر العجاب ، والقطر الذي تحار فى ساحته النجاب ، فضرب منه على عذارها الحجاب (١٤٨) ، باطنه فيه الرحمة ، وظاهره من قبله العذاب (١٤٩) ، يحيط بها مرحلة راكب ،
__________________
(١٤٤) سجلماسة : يطلق هذا الاسم على مقاطعة فى جنوب المغرب تسمى الآن «تافيلالت».
راجع فى هذا : ياقوت الحموى فى «معجم البلدان» ج ٥ ص ٤١ ، والتعريف بابن خلدون ص ٤٠ حاشية ١.
(١٤٥) كورة ، أى بلد به قرى ومساكن ، يقول الحموى فى معجم البلدان «أن الكورة كل صقع يشتمل على عدة قرى ، ولابد لتلك القرى من قصبة أو مدينة أو نهر» (ج ١ ص ٣٦).
(١٤٦) يقصد دولة «بنى مدرار» التى عاصرت دولة الادارسة ، فقد اتخذت سجلماسة قاعدة لملكها.
(١٤٧) أى عديم النظير.
(١٤٨) كناية عن السور المحيط بالمدينة.
(١٤٩) اقتباسا من قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا : انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ، قِيلَ : ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً ، فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ ، باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ، وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) سورة الحديد ، آية : ١٣.