ويصيرها سماء مخضرة ذات كواكب. فمنازلها لا تنال بهوان ، وفدنها ودمنها تحت صوان ، ونخلها تطل من خلف الجدار ، وتتبوأ الايمان والدار ، وحللها مبثوثة بين الدمن ، وضياعها تتملك على مر الزمن ، وسوائمها آلفة للسمن ، موجودة بنزر الثمن ، وفواكهها جميمة ، ونعمها عميمة ، وسورها حصين مشيد ، وجسرها يعجز عن مثله معتصم ورشيد (١٥٠). وسقيها يخص دار الملك بحظ معلوم ، ويرجع الى وال يكف كل (١٢٦ : ب) ظلوم.
وهى أم البلدان ، المجاورة لحدود السودان ، فتقصدها ـ بالتبر ـ القوافل ، وتهدى الى محرابها النوافل ، والرفاهية بها فاشية ، والنشافى (١٥١) الحلية ناشية (١٥٢). لكنها معركة غبار ، وقتيل عقربها جبار (١٥٣) ، ولباسها خامل ، والجفاء بها شامل ، والجو يسفر عن الوجه القطوب ، والمطر معدود من الخطوب ، لبناء جدرانها بالطوب ، والقرع برءوس أهلها عابث ، والعمش (١٥٤) فى جفونهم لابث ، والحصا يصيبهم ، ويتوفر (١٥٥) منه نصيبهم.
__________________
(١٥٠) المعتصم والرشيد ، من أشهر وأعظم خلفاء بنى العباس ، فالمعتصم هو أبو اسحاق محمد بن هارون الرشيد ، ٢١٨ ـ ٢٢٧ ه (٨٣٣ ـ ٨٤٢ م) ، وأما هارون الرشيد فقد حكم من عام (١٧٠ ـ ١٩٣ ه ، ٧٨٦ ـ ٨٠٩ م) ، ويرمى بهذا الى المبالغة فى عظم شأن الجسر المؤدى الى المدينة.
(١٥١) النشافى الحلية : الاحجار ذات النخاريب ، تستعملها النساء فى الحمامات.
(١٥٢) ناشية : ذات رائحة طيبة.
(١٥٣) جبار : هدر ، وذهب دم القتيل جبارا ، أى لم يؤخذ له بالقصاص ولا بالدية.
(١٥٤) العمش : ضعف بالبصر تصحبه الدموع.
(١٥٥) فى نسختى (س ، ط) «يتوقر» ، والصواب فى نسختنا.