وسدة (١٠٣) الناصر والمنصور. بعدت عن المركز دارتها ، وجرت ـ على قطب السياسة ـ ادارتها ، وسحرت ـ العيون ـ شارتها ، وتعبد الاباءة اشارتها ، وخاضت ـ البحر الخضم ـ نذارتها وبشارتها. اقتعدت البسيط المديد ، واستظهرت بتشييد الاسوار وأبراج الحديد. وبكى الجبل من خشيتها بعيون العيون ، فسألت المذانب كصفاح القيون ، وقيدت طرف الناظر المفتون ، أدواح الشجر بها وغابات الزيتون.
(١٢٣ : أ) فما شئت من انفساح السكك ، وسبوع الشكك (١٠٤) ، وانحلال التكك ، وامتداد الباع فى ميدان الانطباع ، وتجديد فنون المجون بالمد والاشباع. زيتها الزمن يعصر ، وخيرها يمد ولا يقصر ، وفواكهها (لا تحصى) ولا تحصر. فاذا تناصف الحر والبرد ، وتبسم الزهر وخجل الورد ، وكسا ـ غدرانها الحائرة ـ الحلق السرد (١٠٥) ، قلت : أنجز ـ للمتقين من الجنة ـ الوعد ، وساعد السعد ، وما قلت الا بالذى علمت سعد (١٠٦). ومنارها العلم فى الفلاة ، ومنزلته ـ فى المآذن ـ منزلة والى الولاة. الا أن هواءها محكم فى الجباه والجنوب (يحمى عليها بكير الجنوب) (١٠٧) وحمياها كلفة بالجسوم ، طالبة ديونها بالرسوم ، وعقاربها كثيرة الدبيب ، منغصة مضاجعة الحبيب ، وخرابها موحش هائل ، وبعد الاقطار ـ عن كثير من الأوطار ـ بها ـ حائل ، وعدوها ينتهب ـ فى الفتن ـ أقواتها ، وجرذان
__________________
(١٠٣) سدة : السدة : المنصب الرفيع.
(١٠٤) الشكك : ج شكة ، وهى اللباس يقى لابسه ضربة السلاح.
(١٠٥) السرد : المنتظم المتتابع.
(١٠٦) مثل عربى يضرب فى اسناد الاخبار الى مصادرها ، وهو الشطر الاخير من قول الشاعر :
ويعذلنى أبناء سعد فيهم |
|
وما قلت الا بالذى علمت سعد |
(١٠٧) زيادة فى (س).