المرسلين دون سائر الناس فحسب ، حيث الإمامة الرسالية على الناس كانت له سابقة ، فلتكن الإمامة الحاصلة بعد إتمام كلماتها هي الإمامة على المرسلين كما هم على سائر الناس.
فكل رسول ـ غير اولي العزم الذين دارت عليهم الرحى ـ هو إمام أمته ، وولي العزم فوقه هو إمامه ، مهما كان في زمنه أم يأتي بعده ، فقد جعل الله كلّا من اولي العزم إماما لسائر الرسل والنبيين.
فموسى إمام وكتابه إمام ، وطبعا لكافة الرسل الإسرائيليين إلّا المسيح (ع) : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً ...) (١١ : ١٧).
ثم الرسل الإسرائيليون بين الإمامين : موسى والمسيح ، هم كذلك أئمة لمن دونهما : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ. وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (٢١ : ٧٣) (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ. وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (٣٣ : ٢٤).
وهنا مرتبة ثالثة من الإمامة الرسالية تحلّق على ولاية العزم وما دونها من رسالات هي الإمامة المحمدية السامية ، المنقطعة النظير بين ملاء العالمين ، من الملائكة والجنة والناس أجمعين ، كما يبيّنها هكذا أمثال قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ
__________________
ـ قبل ان يتخذه رسولا وان الله اتخذه رسولا قبل ان يتخذه خليلا وان الله اتخذه خليلا قبل ان يتخذه إماما ، فلما جمع له الأشياء قال : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) قال : فمن عظمها في عين إبراهيم (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) قال : لا يكون السفيه إمام التقي.
أقول : «نبيا» هنا تؤول الى النبوءة فبعدها الرسالة ثم لم يذكر النبوة بعدها اكتفاء بالخلة.