فطالما يدعو ابراهيم إمامته للبعض من ذريته ، ولكنه يشترط شرط إتمام نفس الكلمات ، مما لا يحصره في ذريته ، اللهم إلّا بما أوحى إليه ربه ، ألّا يصلح لشروطاتها إلّا بعض من ذريته كمحمد وعترته المعصومين عليهم السلام أجمعين.
وهنا «من ذريتي» لا تعني إلّا البعض منهم ، وهم بين عادل وظالم ، فتراه أراد الظالمين منهم فقط ترجيحا للمفضول على الفاضل! ام عنى الفريقين؟ و «من» تبعض! فهو ـ إذا ـ يعنى العدول منهم ـ ولأقل تقدير ـ حالة الإمامة ، و (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) أخرجت كل ظالم منتقص كلمات الابتلاء ، ماضيا او مستقبلا فضلا عن الحال ، فلم يشمل عهد الامامة كل العدول حال الجعل ، بل هم العدول في مثلث الزمان لقمة العدالة وهي عدم الانتقاص في الكلمات المبتلى بها هكذا إمام.
(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (١٢٥).
«البيت» هنا هو البيت العتيق : الكعبة المشرفة ، والجعل هنا تشريفي تشريعي ، وواقعي تكويني ، في مثابته وأمنه ، فما هي «مثابة» وما هو «أمنا».
«مثابة» هي في الأصل المثوبة اسم لمكان «البيت» ام ومصدرا ميميا ، ام وعلى هامشهما اسم زمان ، فان لإتيانه حجا زمان خاص ، والتاء للمبالغة ، فالبيت مصدر لكل صادر بكل معاني «مثابة» كما هو ملجأ لكل حائر سادر ، فهو «مثابة» مصدرا وزمانا ومكانا.