إذا فعوان بين ذلك يعني الوسط بينهما ، لا متقدمة في العمر ولا حمولة وقد ضربها الفحل.
ولماذا «ذلك» مفردا مذكرا وكلّ من فارض وبكر مؤنث؟ علّه يعني ما ذكر من مواصفات.
ولقد كان في هذا وفي ما قبله كفاية لمن يصغي إلى الحق المرام ، ولكن إسرائيل هي إسرائيل!.
فإلى لجاج ثالث ، تضييقا لدائرة الموضوع ، علّهم ينجون عن أصله ، أم يتأكدون أكثر وأكثر في أصله :
(قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) ٦٩.
فكما أن الأثر علّه في ماهية خاصة من البقرة ، كذلك علّه في لون خاص ، وفي ذلك تجهيل لساحة الربوبية كأنه قاصر أو مقصر في البيان ، وهم أحرى بالحائطة على أوامره تعالى! ، ثم تعجيز له سبحانه ، كأن الأثر في خصوص بقرة خاصة وليس من الله ، ف (ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها) بين مختلف الألوان (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ) وهنا لا يكتفي بمطلق الصفرة تقريبا لمضايقتهم في خاصة الميّزة ، وقطعا لمعاذيرهم في تساءلات أخرى حول نوعية الصفرة ، فهي ـ إذا ـ (فاقِعٌ لَوْنُها) صادق الصفرة بمشبعها فالفاقع في الأصفر هو أشده وأشبعه وأنصعه ، كما يقال : أصفر فاقع ، وأسود حالك ، وأبيض يقق ، وأحمر قان ، وأخضر ناضر.
(تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) بلونها وسائر شمائلها ، فلا هي مكسورة ولا عوجاء ولا قبيحة المنظر من ناحية أخرى ، بل هي في مثلث الجمال والكمال ، ماهية ولونا