وشكلا ، ولا يتم سرور الناظرين إلّا أن تقع أبصارهم على فراهة وحيوية ونشاط والتماع في تلك البقرة.
وقد تلمح (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) بعد (صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) أن فاقع الصفرة هو من أحسن الألوان وأنضرها فانظرها حسنا وجمالا وكما يروى (١).
أتراهم اكتفوا بعد بهذه المواصفات؟ كلّا! فهم إسرائيل الحجوج اللجوج ، إذ عادوا مرة أخرى هي الأخيرة ـ إذ لم تبق بعده مواصفة يتعنّتون بها ـ يسألون فيها عن ماهيتها مرة أخرى :
(قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ) ٧٠.
وهم في هذه المرحلة الأخيرة مسندون إلى بقاء التشابه في موضوع الأمر : (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا) وواعدون الاهتداء بها بمشيئة الله : (وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ).
ولماذا (الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا) دون «البقرة» المكررة هنا وهناك؟ علّه جنس البقرة مهما كانت أنثى ، فليس أي جنس من البقر له ذلك التأثير ، فليكن بقرا منقطع النظير لا مثيل له حتى يؤتى منه ذلك الأثر المنقطع النظير.
فهؤلاء الحماقى يفتّشون بعد عن بقرة خاصة لها خاصتها هذه ، متجاهلين أن الأثر كله هو من خالق البقرة وليس في البقرة نفسها ، ولو لا قولهم أخيرا (وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ) لما بينت لهم آخر الأبد والذي نفس محمد بيده لو
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٨٩ في الكافي عن جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : من لبس نعلا صفرا لم يزل ينظر في سرورها ما دامت عليه لان الله عز وجل يقول (صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ).