قد تعني «مسلمة» عن كل العيوب ومنها (شِيَةَ فِيها) ومسلمة عن آثار العمل ، ومسلمة عن الحبس للعمل وعن كل نقص متصور لبقرة ، أم ومسلّمة من والد إلى ولده البار به جزاء بره ، أمّا ذا من مسلمات في بقرة.
(قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) ويكأنه قبل الآن كان جائيا بالباطل من ربه ، ويكأن الله ما كان يعرف ما عرفوه (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) نكرانا لأن يؤثر ذبحها في التعرف إلى القاتل ، وتماسكا عن دفع مال في ذلك المجال ، وتمنعا عن ذبح بقرة ولهم سابق العبادة لها ، وذلك الثالوث المنحوس كان يمنعهم عن ذبحها لولا سؤلهم المدقع في التعرف إلى القاتل ، أم وليجربوا موسى في الإجابة عن سؤالهم!
ففي هذه الضفة ـ البخيلة المماكسة الناكثة لعهود الله ، المتشاكسة في أمر الله ـ ينتهي أمر اللجاج إلى بقرة منقطعة النظير في كل إسرائيل عن بكرتها.
ثم في الضفّة المؤمنة : رجل بارّ بأبيه (١) ، تارك ربح التجارة حرمة له ،
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٨٧ في عيون الأخبار بسند متصل عن البزنطي قال سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول : ان رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له ثم اخذه فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل ثم جاء يطلب بدمه فقالوا لموسى ان سبط آل فلان قتلوا فلانا فأخبرنا من قتله؟ قال : ايتوني ببقرة (قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً ...) ولو انهم عمدوا إلى أي بقرة اجزأتهم ولكن شردوا فشرد الله عليهم (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها ...) ولو انهم عمدوا الى بقرة لأجزأتهم ولكن شردوا فشرد الله عليهم (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ...) فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل فقال لا أبيعها إلا بملىء مسكها ذهبا فجاؤا الى موسى (عليه السلام) فقالوا له ذلك فقال : اشتروها فاشتروها وجاؤا بها فأمر بذبحها ثم امر ان يضرب الميت بذنبها فلما فعلوا ذلك حيي المقتول وقال : يا رسول الله ان ابن عمي قتلني دون من يدعى عليه قتلي ، فعلموا بذلك قاتله فقال لرسول الله موسى بعض أصحابه : ان هذه البقرة لها نبأ ٢ فقال وما هو؟ فقال : ان فتى من بني إسرائيل كان بارا بابيه ... فقال رسول الله موسى انظروا الى البر ما يبلغ بأهله!.