بخروج مياهها منها ، ولا تهبط من خشية الله ، بل هي جافة صلدة صلتة لا تزداد في خضم الآيات البينات إلّا تصلّدا وجمودا وجفافا وخمودا!.
لقد رأوا الحجر انفجرت منه اثنتا عشرة عينا بما ضرب موسى عصاه ، ولم تنفجر قلوبهم بعصا الرسالة الموسوية! ورأوا الجبل اندك بما تجلى له ربه ، ولم تندك جبال قلوبهم بتجلي هذه الرسالة السامية ، وجلوات آيات الله البينات ، فهي لا تلين بها ولا تندى ، ولا تنبض بخشية ولا تقوى ، بل وتزداد طغوى على طغوى! قلوب قاسية جاسية مجدبة كافرة ليست لتلين بذكر الله أيا كان وأيان (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ف (لا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ).
نرى أن (مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ) كما نرى (وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ) فما هي الحجارة التي تهبط من خشية الله وهي لا تعقل ولا تكلّف بشيء؟
أهي كما قال الله : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) (٥٩ : ٢١)؟ (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (٢١) تحوّله إلى مثل لا واقع له ، و «لو» تحيل واقعه ، فلن ينزل الله على جبل ذكرا : قرآنا وغير قرآن ، وهناك الله في اقتسام الجبال يضرب مثل الواقع من الجبال لبيان مدى قساوة هذه القلوب ، فليكن هبوطها من خشية الله واقعا كتفجر الأنهار من بعضها ، وخروج الماء من تشقق الأخرى!.
ثم لو كان الهبوط من خشية الله على فرض نزول الوحي عليه لعم الجبال كلها كما (عَلى جَبَلٍ) تعممه لها كلّها ، دون (وَإِنَّ مِنْها)!
أم (إِنَّ مِنْها) هنا راجعة إلى القلوب لتقدم ذكرها ، ومهما كانت الحجارة