اقرب مرجعا ، فالقلوب أنسب وأليق معنى؟ وهو بعيد أدبيا لبعد المرجع ، وبعيد معنويا حيث القلوب تقلّب ولا تهبط ، اللهم إلا هبوطا عن علوائها المقلوب ، فتنضبط ذاكرة لله ، متذكرة بآيات الله.
هذا ولكن الجبال كجبال هي مثال لقساوة القلوب ، وليست القلوب الخاشية الهابطة من خشية الله ـ وهي القلوب المؤمنة المطمئنة بالله ـ ليست هي بالتي تناسب ضربها مثلا لإثبات أن قلوبهم أقسى من الحجارة!.
قد يعنى هبوط بعض الجبال من خشية الله ، هبوطها الهابط منها بأمر الله تكوينا وهي شاعرة له ومدركة ، ف (إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (١٧ : ٤٤) تعمم الخشية الشعورية إلى كل شيء ، فالهابط من الجبال تهبط بخشية الله ، كما الثابت منها تثبت بخشية الله ، ولا ينافيها الأسباب الطبيعية لهبوطها ، فانها كلها منتهية إلى الله ، ولا يعمل اي سبب عمله إلّا بأمر الله و (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) (٢ : ١١٦) فظاهر الخضوع فيها لتدبير الله بآثار الصنعة وإحكام الصنعة لحد الهبوط فيما تهبط ، تقريع على تلك القلوب المقلوبة غير الخاشية لله.
فحينما الحجر يهبط من خشية الله ، لا تهبط قلوب هؤلاء ـ الأشد قسوة من الحجارة ـ من خشية الله (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
إنهم خونة في أمانة الله لا يوجد لهم مثيل في الكائنات ف (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (٣٣ : ٧٢) وآية الأمانة هذه ـ كما فسرناها في سورتها ـ تحمل حملة عنيفة على الإنسان الظلوم الجهول في خيانته أمانة العقل والتكليف ، فحمل الأمانة يقابل أداءها ، فهو خيانتها.
وعلى حد المروي عن سيد الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام في