ومن ثم حجة الوداع حين حج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمون أجمع من استطاع إليه سبيلا كما يروى عن الإمام الصادق (عليه السلام).
ام انها نزلت قبلهما حيث كان يتفلّت بعض المسلمين لأداء حج أو عمرة فرادى وفي خفية قبل عمرة القضاء وحجة الوداع ، ممن كانوا ـ بعد ـ في مكة المكرمة ، أم يقصدونها دونها ، وعلّها نزلت مرات ، أم تليت على المسلمين مرة بعد أخرى ولا سيما في حجة الوداع وكانت أحرى بها ، ولأن الطواف بهما ـ بعد ـ بسوء السابقة لهما لوجود الأصنام ، كان تكلّفا للموحدين الجدد ، الباغضين الأصنام ، لذلك يلحق اللاجناح هنا ب (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) حيث التطوع هو تكلف في الطوع لكراهية قلبية أماهيه سواء أكان في ندب لعدم فرضه ، فالآتي به يتكلف زيادة على واجب التكليف ، كما في تطوع الصوم على الذين يطيقونه : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢ : ١٨٤) فالصوم لمن يطيقه هو من تطوع الخير لصعوبته في نفسه ، كما ان قسما من المندوب من تطوع الخير صعوبة نفسية لأنه زيادة على الفرض.
ام هو تطوع في فرض كما هنا إذ كانوا يتحرجون من الطواف بهما ظنا أنه سنة جاهلية ، وعلما أنهما كانا محل الأصنام ومطافها ، فهنا الله يشكر الطائفين بهما ، علما بهذه الكراهية ، وعلما بأنه من الشعائر التي لا تترك بحال ، وعلما بان في ذلك صلاح الجماعة المسلمة.
وهذه ضابطة سارية المفعول في كل الحقول أن تطوّع الخير خير عند الله ، وعلى ضوءها الحديث «أفضل الأعمال أحمزها».
فقد يكون تكلف الطوع ـ فقط ـ بدنيّا كصوم المطيق له ، لإزالته الطاقة