لقد جاءت شعائر الله في ثلاث أخرى ، كما (الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ) (٢٢ : ٣٦) بل والحج بمناسكه ككل من شعائر الله : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (٢٢ : ٣٢) إذ هي تأتي بعد آية الحج بمناسك له : وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فجّ عميق. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير. ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليّطّوفوا بالبيت العتيق. ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم بهيمة الأنعام إلّا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور. حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خرّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق. ذلك ومن يعظم شعائر الله ... (٣٢). فالحج ككل هي شعائر الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ ...) (٥ : ٢). فلان تعظيم شعائر الله هو من تقوى القلوب ، وهي مفروضة قدر المستطاع ، ثم إحلالها ـ ومنه تركها ـ منهي عنه هنا ، إذا نتأكد أن التطوّف بالصفا والمروة هو من تقوى القلوب الواجبة ، لا يجوز إحلاله ، وإنما «لا جناح» سلب لجناح مزعوم.
ثم الشعائر ـ لغويا ـ هي جمع الشعيرة ، وهي ما تشعر وتعلن بدقة على كونها محسوسة باهرة ظاهرة ، كما الشعار هو ما يشعر به الإنسان نفسه أي يعلم ، فالمشاعر والشعائر هي المعالم الظاهرة المتظاهرة الإلهية التي تعلم وتعلن للناس حقائق جمة بدقة وهمامة ، فقد يكون شعار بلا شعور ، أم شعور بلا شعار ، ولكن شعائر الله تجمع إلى الشعار الشعور ، والى الشعور الشعار ، فهي مذياعات صوتية وصورية إلهية للإسلام تعريفا به ككلّ ، وتشريفا له ككلّ ، في مناسك هي في الأكثرية الساحقة أو المطلقة أعمال أم تروك بلا ألفاظ إلّا قلة