الحياة فالوصية ـ إذا ـ مكتوبة.
ولماذا الوصية مكتوبة هي خاصة بما إذا حضر أحدكم الموت؟ إذ إنه قبل حاضر الموت مسئول شخصيا عن الوالدين والأقربين في نفقات واجبة وإنفاقات أخرى تحملها آيات ، فلما يحضر الموت فلا يقدر شخصيا ان يعمل بواجبه تجاه الوالدين والأقربين فليوص لهم بما يجبر واجبه في حياته ، ولا سيما إذا هم ليسوا ممن يرث لحجب من كفر او ارتداد أمّا شابه! لمكان الأمر (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) ومنه الوصية لهما ، وكذلك من يرث ولا يكفيه نصيبه ، او يوفّر عليه لمرجح آخر (بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ).
وفرض الوصية هذه هو بطبيعة الحال خاص بما (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) من أموال وحقوق مالية أمّاهيه من خير كان يملكه وهي محسوبة من التركة ، وخير عبارة عن التركة الموصى فيها هو «خيرا» لشمولها الحقوق إلى جانب الأموال ، واختصاصها بما تحصل عليها من حلّه ، وما تبقى عندك بعد إخراج الحقوق الواجبة فيه ، وبعد إخراج الديون منه ، فلا وصية ـ إذا ـ في كل ما ترك إذ ليس له إلا خيره في نطاق الشرع ، فكيف يوصي بما لا يملكه؟.
فهل إنه كل ما يتركه مما قل منه او كثر؟ وقليل المال ليس شيئا يذكر ، كما وأن في الوصية به للأقربين ممن يرث فضلا عمن لا يرث إضرارا بسائر أهل الفرائض ، أو تقليلا لميراث من هو خارج عن الوصية من الورثة (١) ، إذا ف «خيرا» هنا هو المال الواسع الذي لا يؤول بوصيته إلى شرّ وضرّ ، كما هو الحال في مطلق الإنفاق زائدا على الفرض حال الحياة ، أن ينفق على الوالدين
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ١٧٤ عن عروة ان علي بن أبي طالب دخل على مولى لهم في الموت وله سبعمائة درهم او ستمائة درهم فقال : ألا اوصي؟ قال : لا! انما قال الله : ان ترك خيرا وليس لك كثير مال فدع مالك لورثتك.