بكرتهم ، فإنها قضية كلّ رسالة ربانية.
وإنّما نكّر (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) دون تعريف ، خلاف (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) لأنه مشترك فيه بين كافة المهديين الرساليين ، وهم درجات في (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وأما (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) فهنا «الاجتباء» تقدمة للهدي إلى صراط مستقيم ، حيث الجباية هي الجمع الجيد الجادّ ، ومنه جباية الخراج ، و (يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) (٢٨ : ٥٧).
وهنا مثلث من الاجتباء تعنيه (وَاجْتَبَيْناهُمْ).
١ ـ اجتباء كلّ في نفسه ونفسياته أن جمع الله متفرقاته ومتشتتاته ، إخلاصا لفطرته وعقليته وحسّه ، إخلاصا شخصيا.
٢ ـ ثم اجتباءه من بين نظراءه تفضيلا فضيلا.
٣ ـ ثم اجتباء الكلّ بين العالمين في الطول التاريخي والعرض الجغرافي ، موكب رسالي مجتبى بين العالمين من الجنة والناس ومن سواهم من المكلفين أجمعين.
ومن ثم (وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فلكلّ هدى على حدّه ، وللكلّ هدى رسالية هي قضية رسالته في أبعادها.
(ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(٨٨) :
«ذلك» التوحيد الحق دون أية ممارات ومجارات أو أنصاف حلول بينه وبين الشرك «ذلك» فقط (هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ) الله «من يشاء» الهدى فيشاء له الهدى (١) «من عباده» (وَلَوْ أَشْرَكُوا) على فرض الحال (لَحَبِطَ
__________________
(١) عن تفسير العياشي عن العباس بن هلال عن الرضا (ع) أن رجلا أتى عبد الله بن