بل ان ما حولها طائف على العالمين أجمعين ، دون «طائف» ولا طائفة خاصة من العالمين.
فكما يعنى مما حول عاصمة الجمهورية الاسلامية كافة البلاد فيها ، ويعنى مما حول عاصمة الدولة المهدوية كافة من في الأرض وسائر المكلفين في أرجاء الكون ، كذلك ـ وبأحرى ـ (أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) في هذه الرسالة السامية ، فإن «القرى» التي هي حول «الأم» : العاصمة ـ هي مستغرق المجتمعات من كافة المكلفين من كلّ العالمين من أهل السماوات والأرضين.
هنا وفي الشورى (٧) (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) وفي أخرى (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) تشملان في ذلك الإنذار كافة البالغين من القرى المكلفة بشرائع الله ، وليس الإنذار إلّا بالقرآن كما التذكير (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) فلا تختص الدعوة القرآنية بالعرب ، أم عرب الجزيرة ، ام القرى المجاورة لأم القرى في الجزيرة ، بل هي للناس كافة : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) (٣٤ : ٢٨) (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (٧ : ١٥٨) بل ولكلّ العالمين : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (٢١ : ١٠٧).
فقد تصيّد أعداء للإسلام من المستشرقين أن تقصر الدعوة على أهل مكة ومن حولها ، مقتطعين آية أم القرى من القرآن كله ليخيّلوا إلى البسطاء أن هذه الدعوة كانت في بدايتها محصورة بهؤلاء الأميين ومجاوريهم ، ثم توسعت في الجزيرة كلها ثم همّ محمد (ص) أن تتخطاها إلى الناس كافة
__________________
ـ النبي الأمي؟ قال : نسب إلى مكة وذلك من قول الله (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) وام القرى مكة ومن حولها الطائف» أقول : هذا تفسير بأقرب المصاديق فلا تضيق به الآية الطليقة الشاملة لكلّ القرى في الكون كله.