وذلك بعد هجرته إلى المدينة وقيام دولته بها.
ولكنهم تغافلوا عن المعني من القرى في أم القرى ، كما تغافلوا ان آيات الأنبياء وسبأ والأعراف من أوليات المكيات بداية الدعوة.
وحين تكون الدعوة الإسلامية للناس وللعالمين كافة ، فالمتخلف عنها زعم اختصاصها بغيره خارج عن الناس وعن العالمين أجمعين ، فهو ـ إذا ـ في زمرة النسناس.
وهنا نقول لمثل «الحداد» يا حداد قف على حدك وخفف عن جزرك ومدك فما كتاب الله لعبة تلعب بها أنت وأمثالك (١).
فالقرآن هو وسيلة الدعوة الخالدة إلى يوم الدين ، دعوة بأهله الرساليين ، رسولا وأئمة معصومين ، ومن ثم علماء ربانيين دارسين في مدرسة القرآن العظيم ، محصورة الدعوة والدعاية في هذا المثلث ، إضافة إلى السنة الشارحة ، وكلّ ذلك لمكان «ولتنذر» دون «لينذر» هنا و (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ) وما أشبه في غيرها ، فكامل الإنذار هو أن يكون بكتاب معصوم بمنذر معصوم أمن يتلو تلوه ويحذو محذاه ويرمي مرماه.
ذلك! فلا تعني «ما حولها» الحول المجاور لها ، ولا ـ فقط ـ مشارق الأرض ومغاربها ، لأن أم القرى هي العاصمة الكبرى للمملكة الرسالية ، ف «ما حولها» تعم كلّ قراها في الكون كله.
وهنا براهين اربعة تثبت وحي القرآن ، أولاها «مبارك» حيث يحمل كافة البركات المرجوة من عند الله تعالى ، فلا تجد بركة ربانية صالحة
__________________
(١) الأستاذ الحداد البيروتي رئيس مطارنة بيروت هو الذي ألف على إشرافه أربعة عشر كتابا ردا ـ بزعمه ـ على القرآن ومنها «الكتاب والقرآن» حيث ذكر فيه شطحات مثل أن القرآن دعوة عربية وليست عالمية.