صادقة إلّا ويحويها ذلك الكتاب المبين والبرهان المتين.
فهو مبارك في صيغة التعبير بلاغة وفصاحة في القمة العليا ، مبارك في الدلالة والتدليل ، مبارك في وفق الفطرة والعقلية السلمية وقضية الواقع المعاش السليم دون أي دغل أو دخل أو دجل ، فلا مزرءة فيه في أي حقل من الحقول ، ولا ممسك عليه علميا أو عقليا أو واقعيا أم في أي سؤال أو سؤال للمكلفين ، وفي جملة واحدة (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).
وثانيتها : (مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) فالكتاب غير الإلهي ليس ليصدق الوحي ـ كما لا يصدقه الوحي ـ ولا يصادقه لاختلاف الصادر والمصدر ، فلا يصدّق الوحي إلّا الوحي لتطابق المغزى ، وتوافق المعنى.
فسلسلة الوحي الرباني مرتبطة بحلقات متماثلة مهما تفاصلت في طقوس أو تفاضلت ، فانها تتفاضل حسب المصالح ولا تتعاضل ، وسائر السلسلة غير متماثلة وهي متفاصلة متعاضلة ، قضية وحدة المصدر وطليق العلم هناك ، وعديد المصدر وحدّ العلم هنا.
ذلك ، كما وأن تصديق الذي بين يديه حجة على أهل الكتاب تحرضهم على الإيمان به ، ولا سيما في الزمن القاحل الجاهل الذي سيطر فيه الجهل ، وحرفت كتب الوحي عن جهات أشراعها.
لا سيما وأن القرآن يذكّرهم بما في تلك الكتابات من بشارات في تصريحات وإشارات إلى هذه الرسالة الأخيرة.
كما وأن بلاغة التعبير وتلائم المعبر عنه دون تصادم ـ حال ان كتبهم أدنى تعبيرا وهي محرفة ـ يدلهم على أنه بأحرى منها في صبغة الوحي وصيغته وصياغته.
وثالثتها (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) حيث إن مسئولية إنذار أم القرى وفيها ألدّ