الأقوام في التأريخ الرسالي ، هذه بواقعية تأثيره كما حصلت ، مما يبرهن على بارع وحيه وقارع وقعته.
ورابعتها (وَمَنْ حَوْلَها) حيث الرسالة العالمية تتطلب معدات أقوى مما سواها ، والنظر الصائب الثاقب يفيدنا أن قابلية هذه الرسالة وفاعليتها تناسب الإنذار الطليق في العالمين أجمعين (١).
ذلك ، (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ) حيث الايمان بالآخرة ايمان بالحساب ، فالثواب والعقاب ، ولزامه الرسالة الإلهية الحاملة لتكاليف الشرعة الحافلة لسؤل المتشرعين ، فلولاها لكانت الآخرة عاطلة ، إذا فالإيمان بذلك البعث يوم الأخرى إيمان بالبعث يوم الأولى ، ومن ثم إنه هو الداعي إلى أمن شامل في الآخرة بما يبين من شروطات الأمن الواجب تحقيقها يوم الدنيا.
فالمؤمن بالآخرة حسابا وثوابا وعقابا يفتش عن أصلح المعدات لحياة سعيدة فيها ، وقضية ذلك التحري الصالح هي الوصول إلى كامل الإيمان بالقرآن ورسوله ، وكلما كان الإيمان بالآخرة أقوى فذلك التحري أكثر وأقوى ، وكلما كان أضعف كان صاحبه أفشل وأغوى.
صحيح أن من قضايا الإيمان بالآخرة هو الإيمان بشرعة سماوية تعم كلّ كتب السماء ، إلّا أن صالح الإيمان بعد تحرّف الكتب السالفة ونزول كتاب جديد مهيمن عليها ، غير محرف عن جهات أشراعها ، إن ذلك يقتضي ـ فقط ـ الإيمان بالقرآن تطبيقا له في كافة ميادين الحياة ، مهما كان التصديق بكلّ كتب السماء أيضا من قضاياه ، تصديقا لأصل الوحي فيها ، وتصديقا لانقضاء دورها ، فتصديقا بهذا القرآن كآخر منشور من ولاية الله.
__________________
(١) لتكملة البحث حول «أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها» راجع تفسير آيتها الثانية ٢٥ : ١١٥ ـ ١٢٥.